أ - (وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون) ١٦ من سورة الروم صنفان من الناس: طائفة تطيع الله ورسوله فوعدها بالنعيم والسعادة، وأخرى كافرة أو عاصية فأوعدها بالجحيم. وهذا نظام الله في خلقه: أ - (إن المتقين في ظلال وعيون. وفواكه مما يشتهون، كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون. إنا كذلك نجزى المحسنين) قال البياضوى: يمحض لهم العذاب المخلد، ولخصومهم الثواب المؤبد. ثم خاطب الكفار والفسقة والعصاة: ب - (كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون. ويل يومئذ للمكذبين. وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون. ويل يومئذ للمكذبين) ٤٩ من سورة المرسلات. إن شاهدنا (اركعوا لا يركعون) يخالفون أمر الله. صلوا فلا يصلون، أو أطيعوا واخضعوا، أو اركعوا في الصلاة. روى أنه نزل حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثقيفاً بالصلاة، فقالوا: لا نحنى أي لا نركع فإنها مسبة، وقيل هو يوم القيامة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون أهـ بيضاوى. لعلك فقهت الصلاة تحشرك مع المتقين إن عملت بمعناها، وتغذيت بمرماها، ومشيت في أضوائها وسرى نور الإيمان في قلبك من شمسها، وذقت حلاوة ثمرتها،، وشممت شذاها، واستنشقت عرفها، وبذا تحشر آمناً مطمئناً منعما، وتسخر من تارك الصلاة حين ما يعذبه مولاه ويفضحه على ملأ ويلزمه بأدائها على النار الموقدة المؤصدة ويوبخه على غفلته في حياته وإجرامه في ترك الصلاة، ومصداق ذلك قوله تعالى (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون ٤٢ خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون) ٤٣ من سورة القلم. قال البيضاوى: أي يوم يشتد الأمر، ويصعب الخطب، وكشف الساق مثل في ذلك، وأصله تشمير المخدرات عن سوقهن في الحرب. قال حاتم: أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها ... وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا (ويدعون إلى السجود) توبيخاً لهم على تركهم السجود إن كان اليوم يوم القيامة أو يدعون إلى الصلوات لأوقاتها إن كان وقت النزع فلا يقدرون لذهاب وقته أو زوال القدرة عليه، وقد تلحقهم ذلة (وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون) في الدنيا أو زمان الصحة وهم متمكنون منه فراحوا لعلل فيه أهـ (فذرنى ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ٤٤ وأملى لهم إن كيدى متين) ٤٥ من سورة القلم: اتركنى فإنى أكفيكه سندنيهم من العذاب درجة درجة بالإمهال، وإدامة الصحة، وإزدياد النعمة. فاستيقظ يا تارك الصلاة، ولا يغرنك حلم الله وفضله.