للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - وعنه رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصلوات (١) الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مُكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر. رواه مسلم وغيره


(١) الفرائض: أداؤها يسبب غفران الصغائر؛ وكذا أداء صلاة الجمعة يكفر ذنوب أسبوع، وكذا صيام رمضان يستر عيوب عام كله مدة اجتناب الكبائر: أي عدم فعل الموبقات التى نهى الله عنها بوعيد شديد، وزجر مؤلم. قال الله تعالى: (ولله ما في السموات وما في الأرض ليجزى الذين أساءوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى ٣٢ الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذا أنشأكم من الأرض وإذا أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) ٣٣ من سورة النجم أي بعقاب ما عملوا من السوء، وبالمثوبة الجنة لمن بعد عما يكبر عقابه، أو يجوب الحد، وما فحش من العيوب إلا ما قل من الذنوب وصغر فإنه مغفور من مجتنبى الكبائر (فلا تزكوا أنفسكم): أي فلا تثنوا عليها بزكاء العمل، وزيادة الخير، أو بالطهارة عن المعاصى والرذائل، والجمعة عيد المؤمنين خص الله به عز وجل هذه الأمة فيه يعتق ستمائة ألف عتيق من النار، ومن مات فيه أعطى أجر شهيد، ووقاه الله فتنة القبر وفيه الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم ثوابها مضاعف، وفرضت الجمعة بمكة ليلة الإسراء، ولم تقم فيها لقلة المسلمين، ولخفاء الإسلام إذ ذاك، وهى أفضل الصلوات، ونعمة جسيمة امتن الله بها على عباده المؤمنين من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكان يسمى في الجاهلية بيوم العروبة، ويسمى يوم المزيد لزيادة الخيرات فيه، وكذا ليلته أفضل ليالى الأسبوع، وأفضل منه يوم عرفة، وأفضل الليالى ليلة مولده صلى الله عليه وسلم وعند الإمام أحمد بن حنبل أفضل الأيام يوم الجمعة مطلقاً، وعند الشافعية الأفضل يوم عرفة، فيوم الجمعة، فيوم عيد الأضحى، فيوم عيد الفطر، والليالى ليلة مولده المباركة صلى الله عليه وسلم، فليلة القدر، فليلة الجمعة، فليلة الإسراء، وعنده صلى الله عليه وسلم الأفضل ليلة الإسراء، وقد رأى ربه بعينى رأسه عليه الصلاة والسلام. وأول من فعلها بالمدينة الشريفة قبل الهجرة أسعد بن زرارة رضي الله عنه بمحل يقال له: نقيع الخضمات على ميل من المدينة. والأصل في وجوبها قول الله تبارك وتعالى:
أ - (ياأيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) ٩ من سورة الجمعة فأمر بالسعى، وظاهره الوجوب، وإذا وجب السعى وجب ما يسعى إليه ونهى عن البيع، وهو مباح ولا ينهى عن المباح إلا لواجب، والمراد بذكر الله الصلاة، وقيل الخطبة، وهى ركعتان، وليست ظاهراً مقصورة. قال عمر رضي الله عنه: (الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم، وقد خاب من افترى، أي كذب رواه الإمام أحمد وغيره، ونزل صلى الله عليه وسلم قباء حينما قدم المدينة فأقام بها إلى الجمعة، ثم دخل المدينة وصلى الجمعة في واد لبنى سالم بن عوف.
ب - وقال تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون) ٢٠٤ من سورة الأعراف قال البيضاوى: نزلت في الصلاة، كانوا يتكلمون فيها فأمروا باستماع قراءة الإمام والإنصات له، وظاهر اللفظ يقتضى وجوبهما حيث يقرأ القرآن مطلقا، وعامة العلماء على استحبابهما خارج الصلاة، واحتج به من لا يرى وجوب القراءة على المأموم، وهو ضعيف أهـ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>