للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن حبي أمرني أن لا أسأل الناس شيئاً

٢١ - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: "بايعني رسول الله خمساً، وأوثقني سبعاً، وأشهد الله على سبعاً: أن لا أخاف في الله لومة لائمٍ، قال أبو المثنى قال أبو ذر، دعاني رسول الله فقال: هل لك إلى البيعةِ، ولك الجنةُ قلت: نعم، وبسطتُ يدي، فقال رسول الله: وهو يشترطُ عليَّ أن لا أسألَ الناس شيئاً؟ قلتُ: نعم. قال: ولا سَوْطَكَ إن سقطَ منكَ حتى تنزلَ فتأخذهُ".

وفي روايةٍ: "أن النبي قال: ستة أيامٍ، ثم اعقل يا أبا ذر: ما يُقالُ لك بَعْدُ، فلما كان اليوم السابعُ قال: أوصيك بتقوى الله في سرِّ أمرك (١) وعلانيتهِ وإذا أسأت فأحسنْ (٢)، ولا تسألنَّ أحداً شيئاً، وإن سقط سَوْطَكَ ولا تقبضنَّ أمانةً (٣) " رواه أحمد، ورواته ثقات.

٢٢ - وعن ابن مُليكةَ قال: "ربما سقط الخطامُ من يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه فيَضْرِبُ بذراعِ ناقتهِ فَيُنِيخُهَا (٤) فيأخذهُ. قال فقالوا له: أفلا أمرتنا فَنُنَاوِلَكَهُ؟ قال: إن حِبِّي (٥)

أمرني أن لا أسأل الناس شيئاً" رواه أحمد، وابن أبي مليكة لم يدرك أبا بكر رضي الله عنه.


= وتعظم في عين الصغار صغارها ... وتصغر في عين العظيم العظائم
الله تعالى كفل الأرزاق وتعهد بالقوت وحفظ العمر فلماذا السؤال؟ وقد قال تعالى: "فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه" وما أحسن قول الشاعر:
ولو مد نحوي حادث الدهر كفه ... لحدثت نفسي أن أمد له يدا
توقد عزمي يترك الماء جمرة ... وحيلة حلمي تترك السيف مبردا
وأظمأ إن أبدى لي الماء منة ... ولو كان لي نهر المجرة موردا
ولو كان إدراك الهدى بتذلل ... رأيت الهدى أن لا أميل إلى الهدى
هذا ابن سناء الملك المتوفى سنة ٦٠٨ هـ، يعني أنه عيوف يكره كل ما فيه امتنان عليه حتى في الماء الذي هو حياة الأنفس، ولا يتحمل ذل السؤال مهما كان مورد النعمة. المجرة: قطعة في السماء واسعة تشبه المكان المتسع من النهر، ثم يعني أن الهداية لو كانت بتذلل لكان من الحق تركها وقد سبقه سيدنا قرة العيون ومربي النفوس، قال أبو ذر: "يشترط عليَّ ألا أسأل الناس شيئاً".
(١) اخش الله في الخفية والجهر.
(٢) إذا صدر منك ذنب فأحسن، واستعمل الرأفة والأدب والكمال والعفو وحسن الخلق.
(٣) اجتنب حفظ الأمانة عندك خشية ألا تقوم بها تماماً، فتعذب على تقصيرك في حفظها.
(٤) كذا (ع ص ٢٨٠)، وكذا (د)، وفي (ط): فينحيها.
(٥) حبيبي. أيها المسلم: أمير المؤمنين، وأفضل المسلمين يمد يده بنفسه، وينيخ =

<<  <  ج: ص:  >  >>