المحتاج يتأدب في سؤاله، ولا يسأل إلا مضطراً، والمحسنون يجودون ببشاشة. اتفق العلماء على تحريم المسألة إلا إذا لم تكن ضرورة وكان السائل غير قادر على الكسب وتجد نصائح غالية منه في الزهد والتنفير في جمع المال (خضرة حلوة) شبهه في الرغبة فيه، والميل إليه وحرص النفوس عليه بالفاكهة الخضراء الحلوة المستلذة فإن الأخضر مرغوب فيه على انفراده والحلو كذلك على انفراده فاجتماعهما أشد وفيه إشارة إلى عدم بقائه لأن الخضروات لا تبقى ولا تراد للبقاء. أهـ نووي ص ١٢٦ جـ ٧، فمن أخذ المال بطيب نفس: أي بغير سؤال ولا إشراف وتطلع بارك الله له، وقيل: بطيب نفس المعطي المحسن الذي يدفع منشرحاً بدفعه إليه طيب النفس لا بسؤال اضطره إليه بل سعى المحسن إلى الفقير وأعطاه وكان الرضا من الجانبين والمحبة متبادلة، فرسول الله يدعو المحسن إلى البشاشة والإقبال على الإنفاق بثغر باسم، ونفس مطمئنة، وكذا المحتاج يعتمد على ربه ولا يلح. قال العلماء: شروط السؤال ثلاثة: أولاً: أن لا يذل نفسه. ثانياً: أن لا يلح في السؤال. ثالثاً: أن لا يؤذي المسئول. ثم انظر رعاك الله إلى المثل العالي للشره الطماع الدنيء السؤال (كالذي يأكل ولا يشبع) أي إن الذي لا يملأ قلبه إيماناً بالله وثقة به واعتماداً على مولاه الرزاق أرخى لنفسه العنان في الشحاذة، واسترسل في إراقة ماء وجهه ولم يكتف ولو كان عنده مال قارون. قال النووي: قال العلماء: إشراف النفس تطلعها إليه وتعرضها له وطمعها فيه. أهـ ص ١٢٦ جـ ٧، وهو أسوة حسنة وقدوة طيبة وكريم جواد يأتي إليه السائل فلا يرده، وعلم بغنى ذلك السائل الطماع فأعطاه سماحة ولكن خرج متأبطاً ناراً ومندفعاً في طيار الذلة والمسكنة والخذلان وفقد المروءة وجرى في ميدان النذالة وما أحسن تعبيره الشريف وعذوبة ألفاظه "ويأبى الله لي البخل". والناس صنفان: (أ) غني موسر حامد شاكر متصدق معط بسماحة وطيب نفس يهرع إليه الفقراء. (ب) غني فقير النفس شحيح بخيل. يشير إلى النوعين قوله تعالى: "فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين وتأكلون التراث أكلاً لما وتحبون المال حباً جماً" (٢١ من سورة الفجر). =