للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العطاء (١)، فأقولُ أعْطِهِ من هو إليه أفقرُ مني. قال فقال: خُذْهُ إذا جاءك من هذا المال شيءٌ، وأنت غيرُ مُشْرِفٍ (٢) ولا سائلٍ، فخذهُ فَتَمَوَّلْهُ، فإن شئت كلهُ، وإن شئت تصدق به، وَمَا لا (٣) فلا تتبعهُ نفسك. قال سالم بن عبد الله فلأجل ذلك كان عبد الله لا يسأل أحداً شيئاً، ولا يَرُدُّ شيئاً أعطيه" رواه البخاري ومسلم والنسائي.

٢ - وعن عطاء بن يسارٍ رضي الله عنه: "أن رسول الله أرسل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعطاءٍ فَرَدَّهُ عمر، فقال له رسول الله: لِمَ رَدَدْتَهُ؟ فقال: يا رسول الله أليس أخبرتنا أن خيراً لأحدنا أن لا يأخذ من أحدٍ شيئاً، فقال رسول الله: إنما ذلك عن المسألة (٤)، فأما ما كان عن غير مسألةٍ، فإنما هو رزقٌ يرزقكه الله، فقال عمر رضي الله عنه: أما والذي نفسي بيده لا أسألُ أحداً شيئاً، ولا يأتيني شيءٌ من غير مسألةٍ إلا أخذتهُ (٥) " رواه مالك هكذا مرسلاً. ورواه البيهقي عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: فذكر بنحوه.

٣ - وعن المطلب بن عبد الله بن حَنْطَبٍ: "أن عبد الله بن عامرٍ بعث إلى عائشة رضي الله عنهما بنفقةٍ وكسوةٍ، فقالت للرسول: أي بُني لا أقبلُ من أحدٍ شيئاً، فلما خرج الرسول، قالت: رُدُّوهُ عليَّ، فردوه قالت: إني ذكرتُ شيئاً، قال لي رسول الله: يا عائشة من أعطاك عطاءً من غير (٦) مسألةٍ فاقبليهِ فإنما هو


(١) فيه جواز الأخذ بغير سؤال ولا تطلع. قال النووي: فيه منقبة لعمر رضي الله عنه، وبيان فضله وزهده وإيثاره. أهـ.
(٢) متطلع إليه حريص عليه.
(٣) ما لم يوجد فيه هذا الشرط لا تعلق النفس به. قال النووي: الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور (فيمن جاءه مال) أنه يستحب في عطية السلطان، وأما عطية السلطان. فحرمها قوم، وأباحها قوم، وكرهها قوم، والصحيح أنه إن غلب الحرام فيما في يد السلطان حرمت، وكذا إن أعطى من لا يستحق، وإن لم يغلب الحرام فمباح إن لم يكن في القابض مانع يمنعه من استحقاق الأخذ، وقال طائفة: الأخذ من السلطان واجب وغيره، وقال آخرون: هو مندوب في عطية السلطان دون غيره، والله أعلم. أهـ ص ١٣٥ جـ ٧، وأنا أميل إلى التعفف عن أموال الحكام والتباعد عن عطاياهم والاجتهاد في مهنة تقيه شر السؤال.
(٤) السؤال والإلحاح.
(٥) يأخذه هدية ومودة وصلة.
(٦) كذا (د وع) ص ٢٨٩، وفي (ن ط): بغير.

<<  <  ج: ص:  >  >>