للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٢ - وعنْ أبي كبْشة الأنماريِّ رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلعليه وسلم يقول: ثلاث (١) أقسم عليْهنَّ، وأحدِّثكمْ حديثاً فاحفظوه قال: ما نقص (٢) مالُ عبدٍ من صدقةٍ، ولا ظلم عبد مظلمةً صبر عليها إلا زاده الله عزَّا، ولا فتح عبد باب مسْألةٍ (٣) إلا فتح الله عليه باب فقرٍ (٤)، أوْ كلمةً نحوها، وأحدِّثكمْ حديثاً فاحْفظوه. قال إنَّما الدنيا لأربعة نفرٍ: عبدٌ رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتَّقي فيه ربَّه (٥)، ويصل فيه رحمه (٦)، ويعْلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً فهو صادق النِّيَّة يقول: لوْ أنَّ لي مالاً لعملت بعمل فلانٍ فهو بنيَّتهِ فأجْرهما سواء، وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً يخبط في ماله بغير علمٍ (٧)، ولا يتَّقي فيه ربَّه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقا فهذا بأخبثِ (٨) المنازل، وعبد لمْ يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول: لوْ أنَّ لي مالاً لعملت فيه بعمل فلانٍ فهو بنيَّتهِ، فوزرهما (٩)

سواء. رواه الترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

٢٣ - وعنْ أبي هريرة رضي الله عنه قال: ضرب رسول الله (ما نقص مال عبد من صدقة)

(يدرأ) بالدال المهملة: أي يدفع، وزنه ومعناه. مثل البخيل والمتصدِّق: كمثل رجلين عليهما جُنَّتان (١٠) من حديدٍ قد


= أخبرك صلى الله عليه وسلم أن الصدقة طريقة الله موصلة إلى رحمة الله جالبة رضاه مبعدة سخطه طاردة أي أذى لك أيها المسلم.
(١) كذا ع ص ٢٩٥، وفي ن ط، وفي ن د: ثلاثة أقسم.
(٢) قل.
(٣) سؤال.
(٤) احتياج وذمة وضعة واحتقار وشدة طمع وازدراء قومه.
(٥) يخاف الله ويعمل صالحا.
(٦) يزور أقاربه ويمدهم بخير.
(٧) ينفق ماله ابتغاء شهواته.
(٨) أردأ. وأفظع.
(٩) ذنبهما: بين طبيب النفوس صلى الله عليه وسلم رغبات الانسان في الحياة:
أولاً: رجل موفق مسدد الخطوات بر صالح وغني وعالم، فاستعمل بماله ما يشيد له المكرمات الصالحات ونفعه الله بعمله فأثمر في غرس المحامد، وفعل المكارم، فأفاد واستفاد.
ثانياً: عالم وفقير فعمل بعلمه وتمنى لو اغتنى لفعل خير فثوابه ثواب من فعل.
ثالثاً: غنى شرير أطلق عنان ماله في فعل المفاسد، وارتكاب المحارم وطغى وبغى وقطع أقاربه، وحرم المسكين، فهذا في الدرك الأسفل من النار وأردأ عاقبة، وبئس مآله.
رابعاً: رجل فقير ولكن نيته خبيثة منعه عن الموبقات ضيق يده ولم يخش الله ولم يرجه سبحانه، ويتمنى لو يغتني لأجرم وسلك سبيل الدعارة، فكأنه فعل ذلك، وعوقب أشنع عقاب، وباء بسوء العاقبة. نسأل الله السلامة.
(١٠) درعان، واحدها جنة: (أي وقاية). وفي ع: جبتان ص ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>