للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعدلُ به فوضعوا رءوسهمْ، فقام يتمَّلقني (١) ويتْلوا آياتي، ورجل كان في سريَّةٍ فلقي العدوَّ فهزموا، فأقبل بصدره حتى يُقتل، أوْ يفتَحَ لهُ (٢). والثَّلاثة الذين يبغضهمُ الله: الشَّيخُ الزاني (٣)، والفقير المخْتال (٤) والغنيُّ الظَّلوم (٥). رواه أبو داود، وابن خزيمة في صحيحه، واللفظ لهما إلا أن ابن ابن خزيمة لم يقل: فمنعوه. والنسائي، والترمذي ذكره في باب كلام الحور العين وصححه، وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال في آخره:

ويبغضُ الشَّيْخَ الزَّاني، والبخيل (٦)، والمتكبِّر

والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.


(١) تجافي جنبه عن مضجعه، وذهب لعبادة الله وذكره. العدو في ن ع القوم ص ٣٠٣.
(٢) المجاهد في سبيل الله.
(٣) كبير السن هرم، ومع ذلك يرتكب الفاحشة، بمعنى أن عقابه أشد من غيره، رجل ضعفت قوته وشهوته وكبر، ولم يكسر حدته في الفاحشة.
(٤) لا يملك شيئاً، ولكن يتكبر على الناس ويتجبر ويختال، والمنهي عنه الخيلاء والعجب والغطرسة على الناس وهو محتاج.
(٥) صاحب الثروة والنعمة، ولكن يتعدى على خلق الله، ويسيء إليهم، ويمنع حقوقهم، ويضيع أموالهم عدوانا مع أنه في سعة يمكنه أداء الحقوق كاملة ويتجبر ويقسو ويغطي ويبغي.
(٦) مانع الخير الشحيح ضعيف المروءة وفاقدها.
(٧) المتصف بالكبر والفظاظة والغلظلة المحروم من البشاشة واللطف: أي الله يكره الهرم العاهر الدنيء والمقتر الذي لا ينفق، والمتصف بالكبرياء.
يا عجبا! رجل موسر ذو سعة نافذ الكلمة، فيميل إلى الدنايا، ويظلم ويقسو ويتجبر إن الله يكرهه ويقصيه من رحمته، ويسلط على المصائب، وبهذه المناسبة أخبرنا الله تعالى بتكبر فرعون، فأزال ملكه.
سيدنا موسى عليه السلام يقول لفرعون: هل لك إلى أن تزكي، ليعتبر المسلمون
قال تعالى: (هل أتاك حديث موسى ١٥ إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوي. اذهب إلى فرعون إنه طغى. فقل هل لك إلى أن تزكي. وأهديك إلى ربك فتخشى. فأراه الآية الكبرى. فكذب وعصى. ثم أدبر يسعى. فحشر فنادى. فقال أنا ربكم الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى. إن في ذلك لعبرة لمن يخشى) ٢٦ من سورة النازعات إن شاهدنا العظمة من درس موسى عليه السلام لفرعون، وتكبره على الناس، فطمس الله معالمه، وضيع ملكه. لماذا؟ لأنه طغى وبغى، وعلا في الأرض وأفسد ولم يؤمن بالله ورسله، ولم يعمل صالحا، وساق الله تعالى لحبيبه لهذا الحديث ليسليه على تكذيب قومه، ويعظم أن يعتبروا، فيعملوا صالحاً خشية أن يصيبهم مثل ما أصاب من هو أعظم منهم. كذلك أدعو الناس أن يعملوا بالكتاب والسنة ويصلوا ويتصدقوا خشية زوال هذه النعم، وانتشار نقم الله وعذابه بينهم. (تزكى): أي هل لك ميل يا فرعون إلى أن تتطهر من الكفر، وتبتعد عن الطغيان، وتنقاد لأوامر الله، وتتجنب الظلم، وتترك الضلال والإفساد. (وأهديك إلى ربك): أرشدك إلى معرفته عز وجل. (فتخشى): بأداء الواجبات، وترك المحرمات إذ الخشية إنما تكون بعد المعرفة. (الآية): المعجزة, وهي قلب العصا حية، فكذب فرعون موسى، وعصى الله عز وجل، ثم أدبر عن الطاعة ساعياً في إبطال أمره. أدبر بعدما رأى الثعبان مرعوبا مسرعا في مشيه. (فحشر): فجمع السحرة أو جنوده. (الأعلى): أي كل من يلي أمركم. (نكال الآخرة): الإحراق في جهنم (والأول): الإغراق في الدنيا. قال تعالى: (آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ٩١ فاليوم =

<<  <  ج: ص:  >  >>