للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورواه أبو داود أيضاً وغيره عن أبي إسحاق السبيعي عن رجل عن سعد، والله أعلم.

٣٦ - وعن جابرٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال: من حفرَ ماء لمْ تشربْ منهُ كبد حرَّى (١) من جنٍ ولا إنسٍ ولا طائرٍ إلا آجره الله يوم القيامة رواه البخاري في تاريخه، وابن خزيمة في صحيحه.

٣٧ - وعنْ عليِّ بن الحسن بن شقيقٍ قال: سمعت ابن المبارك، وسأله رجلٌ: يا أبا عبد الرَّحمن: قرْحة (٢) خرجتْ في (٣) رُكبتي منذ سبع سنين، وقد عالجتُ بأنواع العلاج، وسألتُ الأطبَّاء فلم أنتفعْ به؟ قال: اذهب فانظرْ موضعاً يحتاج النَّاس الماء فاحفر هناك بئراً فإني أرجو أن تنبع هناك عين، ويمسك عنك الدَّم، ففعل الرَّجل فبرأ (٤). رواه البيهقي، وقال: وفي هذا المعنى حكاية شيخنا الحاكم أبي عبد الله رحمه الله:

فإنه قرح وجههُ بأنواع المعالجة فلمْ يذْهب، وبقي فيه قريباً من سنةٍ فسأل الأستاذ الإمام أبا عثمان الصَّابوني أن يدعو له في مجلسه يوم الجمعة، فدعا له وأكثر النَّاس التأمين، فلمَّا كان يوم الجمعة الأخرى ألقت امرأة في المجلس رقعة بأنها عادت إلى بيتها، واجتهدت في الدعاء للحاكم أبي عبد الله تلك الليلة، فرأت في منامها رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنَّه يقول لها: قولى لأبي عبد الله يوسِّع الماء على المسلمين، فجئْت بالرُّقعة إلى الحاكم فأمر بسقايةٍ (٥) بنيت على باب داره وحين فرغوا منْ بنائها


(١) حرى كذا ع ص ٣٢٥, وفي ن ط حراء، وفي النهاية الحرى فعلى من الحر، وهي تأنيث حران، وهما للمبالغة، يريد أنها لشدة حرها قد عطشت ويبست من الع طش، والمعنى أن في سقى كل ذي كبد حرى أجرا وقيل أراد بالكيد الحرى حياة صاحبها لأنه إنما تكون كبده حري إذا كان فيه حياة. يعني في سقي كل ذي روح من الحيوان ويشهد له ما جاء في الحديث الآخر (في كل كبد حارة أجر) أهـ ص ٢١٥ وفيه طالب الرأفة بالحيوان، والشفقة عليه، وتقديم الماء له ليشرب، ويزيل ظمأه وليكسب الفاعل ثواب الله تعالى.
(٢) جرح طال فتح موضعه يرشح ويؤلم.
(٣) كذا دع وع، وفي ن ط: من.
(٤) شفاه الله وجف. أرشده إلى انشاء عمل بر دائم يسبب له الدعوات الصالحة لعل الله ينظر إليه نظر رحمة وشفاء، وقد كان جاء إلى جهة قفرة لا ماء فيها يروي الناس فحفر بئرا عامة يشرب منها الإنسان والحيوان والنبات، فتكرم الله جل وعلا بإزالة ألمه وشفاء دمله - وفيه الحث على إنشاء الآبار والمشافي والملاجئ والمصانع والمعامل وكل أعمال تجلب الخير، وتسهل أسباب الرزق، وتفتح أشغالا للعاطلين، وتزويل الشرع عن الآمنين.
(٥) إناء يشرب فيه، ولعله زير أو ما يشبه أو مضخة. فيه أن عمل الخيرات العامة في طريق المسلمين يسبب طول العمر، ونضارة الصحة، ويجلب بهجة الحياة، ورخاء العيش، وهناءة البال، وراحة الضمير، وزيادة الرزق =

<<  <  ج: ص:  >  >>