للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فادفعوا باسم الله، فلمَّا كان بجمعٍ. قال: إنَّ الله عزَّ وجلَّ: قدْ غفر لصالحيكمْ، وشفَّع صالحيكمْ في طالحيكمْ (١) تنزل الرَّحمة فتعمُّهُمْ، ثمَّ تفرَّق المغفرة في الأرض فتقع على كلِّ تائبٍ ممنْ حفظ لسانه ويده، وإبليس وجنوده على جبال (٢) عرفاتٍ ينظرون ما يصْنع (٣) الله بهمْ، فإذا نزلت الرَّحمة دعا إبليس وجنوده بالويل والثُّبور. رواه الطبراني في الكبير، ورواته محتجّ بهم في الصحيح، إلا أن فيهم رجلاً لم يسمّ.

٤ - ورواه أبو يعلي من حديث أنس، ولفظه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ الله تطوَّل على أهل عرفات يباهي بهم الملائكة، يقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبادي شعثاً غبراً، أقبلوا يضربون إليَّ من كلِّ فجٍّ عميق، فأشْهد كمْ أنِّي قد أجبت دعاءهمْ، وشفَّعتُ رغبتهمْ، ووهبت مسيئهمْ لمحسنهمْ، وأعطيت لمحسنهم جميع ما سألوني غير التَّبعات التي بينهمْ، فإذا أفاض القوم إلى جمعٍ، ووقفوا وعادوا في الرَّغبة والطلب إلى الله تعالى، فيقول يا ملائكتي: عبادي وقفوا فعادوا في الرَّغبة، والطلب فأشهدكمْ أنِّي قد أجبت دعاءهمْ، وشفَّعْتُ رغبتهمْ، ووهبتُ مسيئهم لمحسنهمْ، وأعْطيتُ محسنيهمْ جميع ما سألوني، وكفلتُ عنهم التَّبعات التي بينهمْ.

٥ - وعنْ عباس بن مدراسٍ رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشيَّة عرفة، فأجيب أني قد غفرتْ لهمْ ماخلا المظالم، فإنِّي آخذ للمظلوم منه. قال: أي ربِّ إنْ شئت أعطيت المظلوم الجنَّة، وغفرت للظالم فلمْ يجبْ عشية عرفة، فلمَّا أصبح بالمزدلفة أعاد، فأجيب إلى ما سأل. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قال تبسَّم، فقال له أبو بكرٍ وعمر رضي الله عنهما: بأبي أنت وأمي إنَّ هذه لساعة ما كنت تضحكُ فيها، فما الذي أضحكك؟ أضحك الله سنَّك. قال: إنَّ عدوَّ الله إبليس لما علم أنَّ الله قد استجاب دعائي، وغفر لأمتي أخذ التراب فجعل يحثوه على


(١) ضعفاء الأعمال الصالحة: المهازيل في البر، والمقصرين في أوامر الله. من طلح: أي أعيا، وجعل طليح: أي معي.
(٢) جبال. كذا ط وع، وفي ن د حْبل.
(٣) يصنع. كذا د وع، وفي ن ط: صنع، والمعنى أن الله تعالى تفضل على الحجاج الواقفين بعرفة بالغفران والرضوان، والقبول والإحسان، والعفو والخير الجزيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>