للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَالْبَيْهَقِيّ.


= قال البيضاوي: لما قسم المؤمنين ثلاثة أقسام بين أن الكاملين في الإيمان منهم هم الذين حققوا إيمانهم بتحصيل مقتضاه من الهجرة والجهاد، وبذل المال ونصرة الحق، ووعد لهم الوعد الكريم (لهم مغفرة ورزق كريم) لا تبعة لهم ولا منة فيه، ثم أحلق بهم في الأمرين من سيلحق بهم ويتسم بسمتهم. فقال: (والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم) أي من جملتكم أيها المهاجرون والأنصار. أهـ ص ٢٧٣.

أنواع الجهاد في سبيل الله تعالى
إن أسمى درجة في الجهاد:
أولا: محاربة الكفار لأجل نصر دين الله، وذب الأعداء عن الهجمات في الدين، والتفاني في خدمته، والتضحية في إعلاء كلمته سبحانه، وإعزاز إسلامه، والرباط لانتظار الدفاع في حومة الوغي.
ثانياً: محاربة المارقين، ومخاصمة الملحدين، وإقناعهم بالحجة الدامغة حتى يبوءوا بالخزي المبين.
ثالثاً: دعوة الناس إلى الحق، وحثهم على العمل بكتاب الله تعالى وسنة حبيبه صلى الله عليه وسلم.
رابعاً: مجاهدة النفس بالتحلي بالمكارم والتخلي عن الرذائل، وتعلم أمور الدين، والسير على منهج خير المرسلين، ثم العمل بأحكام الشريعة الغراء حتى يينع ثمرتها في دوحته.
خامساً: مجاهدة الشيطان بدفع ما يأتي به من الشبهات. وما يزينه من الشهوات. قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم) ٢١ من سورة النور (خطوات الشيطان) طرقه الزينة للموبقات، والداعية إلى المعاصي، وإشاعة الفاحشة، والغيبة والنميمة، والبغضاء والغواية، و (الفحشاء) ما أفرط قبحه (والمنكر) ما أنكره الشرع (ورحمته) بتوفيق التوبة الماحية للذنوب وشرع الحدود المكفرة لها. (ما أزكى): ما طهر من دنسها (يزكى) يحمله على التوبة وقبولها (سميع) لمقالهم (عليم) بنياتهم.
سادساً: ترك مجالس السوء، وهجر صحبة الأشرار، ونبذ مودة العاصين، وقطع كل صلة بالفاسقين، وإعلان الحرب على الضالين المضلين الغاوين.
سابعاً: نصيب العالم كله للارشاد والوعظ، والهداية والنصيحة، وتفهيم الناس الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والأحكام الفقهية، والسيرة النبوية، وتاريخ أبطال الإسلام وحماته.
ثامناً: الإقبال على النصيحة والعمل بها، والسعي لجني ثمارها، ومحبة الصالحين وزيارة المتقين، ومودة العاملين والاستضاءة بأنوارهم والاقتداء بأفعالهم. قال تعالى:

١ - (للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد) ١٨ من سورة الرعد (الحسنى) الاستجابة الحسنى والمثوبة بالجنة، وهذا مثل المؤمنين الصالحين (والذين لم يستجيبوا له) هذا مثل العصاة، وقال البيضاوي: ووهم الكفرة واللام متعلقة بيضرب. بقوله تعالى: (كذلك يضرب الله الأمثال) على أنه جعل ضرب المثل لشأن الفريقين ضرب المثل لهما، وقيل للذين استجابوا خير الحسنى وهي المثوبة أو الجنة (سوء الحساب) المناقشة فيه بأن يحاسب الرجل بذنبه لا يغفر منه شيء (ومأواهم) مرجعهم (النار وبئس المهاد) ذم المستقر. أهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>