للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسمعتها وهي ساجدة (١)، وهي تقول: اللهمَّ اكتب لي بها عندك أجراً، واجعلها لي عندك ذخراً (٢) وضع عنِّي وزراً (٣)، واقبلها مني كما تقبَّلت من عبدك داود. قال ابن عباسٍ: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ السَّجدة، فسمعته، وهو ساجد يقول: مثل ما قال الرَّجل عن كلام الشَّجرة. رواه الترمذي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه، واللفظ له.

(قال الحافظ) رووه كلهم عن محمد بن يزيد بن خنيس. عن الحسن بن محمد بن عبيد الله ابن أبي يزيد. عن ابن جريج. عن عبيد الله بن أبي يزيد. عن ابن عباس، وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه انتهى، والحسن، قال بعضهم: لم يرو عنه غير محمد ابن يزيد، وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه.

٣٧ - ورواه أبو يعلي والطبراني من حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: رأيت فيما يرى النَّائم كأني تحت شجرةٍ، وكأن الشجرة تقرأ ص، فلما أتتْ على السَّجدة سجدتْ، فقالتْ في سجودها: اللهمَّ اغفر لي بها. اللهمَّ حطَّ (٤) عنِّي بها


(١) واضعة جبهتها على الأرض، متجهة للقبلة تتضرع إلى ربها عز وجل.
(٢) كنوز ثواب.
(٣) ذنبا يمحى. وسيدنا عليه السلام تقدمت له قضية أخوين بالدين أو بالصحبة، وكان أحدهما قوى الحجة: جاء بحجاج لم يقدر الثاني على رده. فقال: (أكفلنيها وعزني في الخطاب) أي ملكني نعجتك الواحدة وضمها إلى التسعة والتسعين، وغلبني في مخاطبته إياي محاجة. قال تعالى حكاية عنه: (قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب ٢٤ فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب) ٢٥ من سورة ص.
(فتناه) أي ابتليناه بالذنب، أو امتحناه بتلك الحكومة. هل يتنبه بها؟ فأكثر من الاستغفار (وأناب) أي رجع إلى الله بالتوبة (ذلك) ما استغفر عنه (لزلفى) لقربه (مآب) مرجع في الجنة (الخلطاء) الشركاء الذين خلطوا أموالهم، جمع خليط.
(قال لقد ظلمك) جواب قسم محذوف قصد به المبالغة في إنكار فعل خليطه، وتهجين، طمعه، ولعله قال ذلك بعد اعترافه، أو على تقدير صدق المدعي، والسؤال مصدر مضاف إلى مفعوله، وتعديته إلى مفعول آخر بإلى لتضمنه معنى الإضافة. أهـ ص ٦٠٣.
انظر إلى درجة الخوف من الله تعالى المتناهية، إذ أخذ عليه السلام حجة خصم واحد فحكم: (قال لقد ظلمك) ولم ينتظر الحجة الثانية فعد هذا ذنبا فسجد إلى الله رجاء المغفرة فغفر الله له. اللهم اغفر لي.
(٤) أزل واغفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>