للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عليه وسلم يقول: إنَّ هذا القرآن نزل بحزنٍ (١)، فإذا قرأتموه فابكوا، فإنْ لمْ تبكوا، فتباكوا وتغنَّوا به، فمنْ لم يتغنَّ بالقرآن فليس منَّا، رواه ابن ماجه.

٩ - وروي عن جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ منْ أحسن الناس صوتاً بالقرآن الذي إذا سمعتموه يقرأ حسبتموه (٢) يخشى الله. رواه ابن ماجه أيضاً.

١٠ - وعن ابن أبي مليكة قال: قال عبيد الله بن أبي يزيد رضي الله عنهما: مرَّ بنا أبو لبابة فاتَّبعناه حتى دخل بيته فدخلنا عليه، فإذا رجلٌ رثُّ الهيئة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس منَّا من لمْ يتغنَّ بالقرآن. قال: فقلتُ لابن أبي مليكة: يا أبا محمدٍ: أرأيت إنْ لمْ يكنْ حسن الصَّوْتِ؟ قال: يحسِّنُه (٣)


(١) لشدائد ومهام أعمال، وكان صلى الله عليه وسلم إذا حزنه أمر صلى: أي أوقعه في الحزن. أقرأ بالتحزين أرق صوته به.
(٢) ظننتموه. قال صالح المري: قرأت القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لي يا صالح هذه القراءة فأين البكاء؟
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إذا قرأتم سجدة سبحان فلاتعجلوا بالسجود حتى تبكوا، فإن لم تبك عين أحدكم فليبك قلبه، وإنما طريق تكلف البكاء أن يحضر قلبه الحزن بأن يتأمل ما فيه من التهديد والوعيد، والمواثيق والعهود، ثم يتأمل تقصيره في أوامره وزواجره فيحزن لا محالة ويبكي، فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر أرباب القلوب الصافية فليبك على فقد الحزن والبكاء فإن ذلك أعظم المصائب. أهـ ص ٢٤٩ جـ ١ إحياء الغزالي.
(٣) يرتل بتؤدة، ويكفر في معنى ما يقرأ، ويجتنب الهذرمة الاستعجال، وقد نعتت أم سلمة رضي الله عنها قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفا حرفا. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لأن أقرأ البقرة وآل عمران أرتلهما وأتدبرهما أحب من أن أقرأ القرآن كله هذرمة.
ونقل الإجماع استجاب سماع القرآن من ذي الصوت الحسن. وأخرج أبو داود من طريق بن أبي مسجعة قال (كان عمر يقدم الشاب الحسن الصوت لحسن صوته بين يدي القوم) ص ٧٤ جـ ٩ فتح.
(فقه الباب)
أولا: الذي يداوم على قراءة القرآن يذلل الله على لسانه، ويسهل على قراءته. فإذا هجره ثقلت عليه القراءة وشقت عليه.
ثانياً: شبه صلى الله عليه وسلم درس القرآن واستمرار تلاوته بربط البعير الذي يخشى منه الشراد. فما زال التعاهد موجودا فالحفظ موجودا، كما أن البعير ما دام مشدودا بالعقال فهو محفوظ، وخص الإبل بالذكر لأنها أشد الحيوان الإنسي نفورا.
ثالثاً: بئسما. بئس فعل ماض الذم، ومان كرة مصوفة، وأن يقول مخصوص بالذم: أي بئس شيئاً قول الرجل.
رابعاً: نسي. قال القرطبي: التثقيل معناه أنه عوقب بوقوع النسيان تعليه لتفريطه في معاهدته، واستذكاره =

<<  <  ج: ص:  >  >>