للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا كلُّه احتجَّ به الشِّافعيُّ رحِمه اللهُ، وقال: ففي هذا دلالةٌ على أنّ مَن امتَنع ممّا افترَض اللهُ عليه كان على الإمام أخْذُه به وقتالُه عليه، وإنْ أبَى ذلك على نفسه.

وأمّا تَوْريثُ ورثتِهم أموالَهم فلأنّ عمرَ بن الخطّاب لمّا وُلِّيَ رَدَّ على وَرَثَةِ مانعِي الزَّكاةِ كلَّ ما وُجِدَ من أموالِهم بأيدِي الناس.

وقد كان أبو بكرٍ سبَاهم كما سبَى أهلَ الرِّدَّة، فخالَفه في ذلك عمرُ لصلاتِهم وتوحيدِهم، ورَدَّ إلى ورَثَتِهم أموالَهم في جماعةِ الصحابة، ولم يُنْكِرْ ذلك عليه أحدٌ.

وقال أهلُ السِّيَر: إنّ عمرَ لمّا وُلِّيَ أرسَل إلى النِّسوةِ اللَّاتي كان المسلمون أحْرَزُوهنَّ (١)، فخيَّر هنَّ أنْ يَمْكُثْنَ عندَ من هُنَّ عندَه بتَزْويجٍ وصداقٍ، أو يَرْجِعْنَ إلى أهْلِيهِنَّ بالفِداء، فاخْتَرْن أنْ يَمْكُثْنَ عندَ من كُنَّ عندَه، فمكَثنَ عندَهم بتزويجٍ وصَداقٍ. قال: وكان الصَّداقُ الذي جعَل لمَن اختارَ أهلَه عَشْرَ أواقٍ لكلِّ امرأةٍ، والأُوقيَّةُ أربعون درهمًا. فاحْتَجَّ الشَّافعيُّ بفعلِ عمرَ هذا في جماعةِ الصحابةِ أيضًا من غيرِ نكيرٍ.

وروَى سفيانُ بن عُيينةَ، عن عَمْرِو بن دينارٍ، عن محمدِ بن طلحةَ بن يزيدَ، قال: قال عمرُ بن الخطّاب: لأنْ أكونَ سألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثلاثٍ أحبُّ إليّ من حُمْرِ النَّعَم: الخليفةِ بعدَه، وعن قوم أقرُّوا بالزَّكاةِ ولم يُؤَدُّوها، أيَحِلُّ لنا قتالُهم؟ وعن الكَلالة (٢).


(١) في ق، م: "حازوهن".
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ١٠/ ٣٠٢ (١٩١٨٥) عن ابن جريج وابن عيينة، به. وهو عند الحاكم في المستدرك ٢/ ٣٠٤ من طريق ابن عيينة، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>