للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الدعامة الرابعة: التميز في الأخلاق والسلوك]

أما التميز الأخلاقي: فهو الميدان الخصب الذي جاء به الإسلام؛ لتكوين الأفراد، وتربية المجتمع، وهو متمثل بالقدوة الصالحة، في الأخلاق الفاضلة، والمعاملات الحسنة، والسجايا الكريمة.

تلك -يا إخوة الإسلام- أبرز معالم الشخصية المسلمة، عقيدة وفكراً، عبادة وأخلاقاً، فيها تبرز شخصية المسلم فيما قدمه تجاهها من عمل صالح، وفعل جليل، ومآثر حميدة، وليست شخصية المسلم في وفرة المال وربح التجارة، وعالي الشهادة، وفخر النسب، بل بقدر ما يسير المسلم على كتاب ربه، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويبني نفسه وأسرته على ذلك، ويقدم لأمته الخير الذي تريده، والصلاح الذي تنشده، بقدر ما تتمثل فيه الشخصية المطلوبة.

أما الذي ينحرف عن تلك المعالم، وتنبثق في حياته تلك الملامح، فيترك مقوماته، ويتخلى عن مبادئه، فلا ريب أنه خطر على نفسه وعلى أمته، فمن لا تحركه العقيدة الصافية، والمثل العليا، والضوابط الشرعية؛ فإنه عضو أشل وعنصر فاسد، ومعول هدام، يجلب الانحراف لنفسه وأسرته، بل أمته بأسرها، ويوم أن كانت الأمة الإسلامية متميزة في شخصيتها، مستقلة في مقوماتها؛ ضمنت العزة والسعادة والنصر والكرامة.

واليوم هل تمثل المسلمون معالم هذه الشخصية؟! هل حققوا دعائمها، وساروا على مناهجها؟!

والجواب يبعث على الأسى والأسف، فقد تساهل كثير من المسلمين هداهم الله في تحقيق تميزهم، والسير على استقلال مبادئهم وأفكارهم، وانجرفوا -جهلاً وانخداعاً- في ركاب غيرهم من أعدائهم.

ولقد حاول أعداء الأمة الإسلامية طمس معالم شخصيتها، ومحو ملامح تميزها، وهدم دعائم استقلالها، بالنقصان منها، أو الزيادة عليها، فعملوا جاهدين على إماتة حقائق الإسلام في نفوس المسلمين، بالجهل تارة، وبث الفساد والانحراف تارات كثيرة، فشوهوا تكوين الأمة، وبثوا بذور الفساد حتى آتت أكلها في كثير من البقاع والجوانب، فنشأت أجيال مات فيها الشعور الإسلامي، والحس الإيماني، لا ترتبط بدين, ولا تتحلى بخلق، ولا تعترف بفضيلة، انتشرت بينها ولاءات لغير الله، وانتماءات لغير دين الله، وشعارات مخالفة لسنة رسول الله.

ومما يزيد الأسى، جهل المسلمين وانخداعهم بهذا الغزو ضد دينهم ومبادئهم.

إن على المسلمين وهم يرقبون النهضة الإسلامية، أن يتحرروا من التقليد والتبعية لأعداء هذه الأمة، وذلك بالأخذ بمعالم الشخصية الإسلامية، وتربية الأجيال والأسر عليها.

وإني لأرجو أن يكون هذا التذكير بمقومات شخصية المسلم وعناصرها الحقيقية ما يثبت الإيمان في نفوس المسلمين، ويقوي عزيمتهم في التمسك بشخصيتهم الإسلامية، التي جاء بها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:١٥٣].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.