للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قلة العمل لما بعد الموت]

إخوة الإسلام: إن كل حيٍ يسلم بهذه الحقيقة عقيدة ونظراً، لكن الذين يتذكرونها ويعملون لما وراءها قليل، فالقلوب عن هذه الحقيقة غافلة، والنفوس شاردة، والعقول منصرفة، والهمم مشغولة، ومشاغل الحياة وزخرفها من الأموال والقصور، والأولاد والدور، والمراكب والمراتب، والأعمال والمناصب، كل ذلك وغيره أطال أمل الناس فيها، وإلا فالله عز وجل يقول: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [العنكبوت:٥٧] ويقول جل وعلا: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} [الرحمن:٢٦ - ٢٧].

ونبيكم صلى الله عليه وسلم، يقول لـ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: {كن في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابر سبيل} وكان ابن عمر يقول: [[إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك]] رواه البخاري.

وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أكثروا من ذكر هادم اللذات} أي: الموت، وكان عليه الصلاة والسلام، إذا ذهب ثلث الليل قام فقال: {يا أيها الناس! اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعه الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه} خرّجه الترمذي من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه، فالكل مرجعهم إلى الله، والجميع محشورون إليه، الموت في الموعد المحتوم، والأجل المقسوم: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً} [آل عمران:١٤٥]، {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف:٣٤] {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المنافقون:١١] {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان:٣٤].