المعلم الخامس: أن سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم هي النبراس الوهاج الذي يستضيء به كل مؤمن موحد، والغيث الثجاج الذي يرتوي من نميره وينهل من معينه كل محب متبع، غير أنها ليست روايات تتلى وتسرد، ولا قصائد تسجع وتورد في أوقات محدودة وأزمنة مشهودة، بل إنها منهاج شامل لإصلاح الحياة كلها في العمر جميعه.
وشخصية الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ليست شيئاً مغموراً، ولا في ثنايا التاريخ مطموراً؛ بل إن ذكره عليه الصلاة والسلام يرتفع على المنابر ويدوي عبر المنائر دائماً وأبداً، ولكنه مع ذلك ليس رباً فيعبد، ولا إله فيقصد؛ وإنما هو رسول يطاع ويتبع، وقد حذر أمته صلى الله عليه وسلم من إطرائه والغلو فيه، يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري:{لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله}.