أيها الإخوة المسلمون: وثالث هذه الوقفات مع حدث عظيم في شهر الله المحرم، فيه درس عظيم على نصرة أولياء الله، وانتقام الله من أعدائه مهما تطاولوا، إنه حدث قديم، لكنه بمغزاه متجدد عبر الأمصار والأعصار، إنه يوم انتصار نبي الله وكليمه موسى عليه السلام، وهلاك فرعون الطاغية، وكم في هذه القصة من الدروس والعبر، والعظات والفكر للدعاة إلى الله في كل زمان ومكان.
فمهما بلغ كيد الأعداء وأذاهم وظلمهم وتسلطهم، فإن نصر الله قريب، وهو درس لكل عدو لله ولرسوله، ممن مشى على طريق فرعون، أن الله منتقم من كل طاغية وظالم، طال الزمان أو قصر، إن يوم الهجرة ويوم عاشوراء -يا عباد الله- يومان من أيام النصر الخالدة، ألا فلتقر أعين أهل الحق ودعاته بذلك، فالعاقبة للمتقين، ولينتبه لذلك -قبل فوات الأوان- أهل الباطل ودعاته:{إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}[الفجر:١٤] وقال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى}[المرسلات:٢٦].
وإن في الحوادث لعبراً، وإن في التأريخ لخبراً، وإن في الآيات لنذراً، وإن في القصص لمدّكراً ومزدجراً:{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ}[يوسف:١١١].
تلكم -أيها المسلمون- إشارات عابرة، ولمحات عاطرة، ووقفات مهمة عاجلة، يحتاج المسلمون إلى التذكير بها وهم يستقبلون عامهم الهجري الجديد، الذي نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أن يجعله عام خير وبركة ونصر للإسلام والمسلمين في كل مكان، وعام ذل وهوان لأعداء الإسلام والمسلمين في كل مكان، كما نسأله سبحانه أن يجعله عام يقظة رشيدة، ونقطة تحول سديدة، وفتح صفحة جديدة، صلاحاً لأحوال المسلمين في كل مكان، وهزيمة ساحقة لأعداء الله ورسوله والمؤمنين.
كما نسأله سبحانه أن يجعل مستقبل أيامنا خيراً من حاضرها، وحاضرها خيراً من ماضيها، وأن يعيد هذا العام على أمة الإسلام بالخير واليمن والبركات إنه سميع قريب مجيب الدعوات.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات من كل الذنوب والخطايا والسيئات، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.