[إرشاد إلى مسائل مهمة في الصلاة]
يا أيها المصلون: لتعلموا أن للصلاة المقبولة شروطاً وأركاناً، وواجبات وآداباً، لا بد من الوفاء بها، كما أن هناك مسائل مهمة، وأخطاء شائعة في هذا الفريضة؛ يحتاج المصلون إلى أن يعوها ليطبقوها.
وقد ورد في المسند: {إن أشد الناس سرقة، الذي يسرق من صلاته} وذلك بعدم تمام ركوعها وسجودها وخشوعها.
كما ورد: {إن المصلي لينصرف من صلاته، وما كُتب له إلا ربعها، أو خمسها، حتى بلغ عشرها}.
وهذا يدعو المسلم المصلي إلى أن ينتبه لشأن صلاته، حتى لا يخسر الثواب ويبوء بالعقاب.
وهذه مسائل مهمة موجزة يحسن التنبيه عليها في هذا الموضوع:
الأمر الأول: الطهارة باطناً وظاهراً، فالطهارة شرط مهم للصلاة، ولا تقبل الصلاة إلا بها، فواجب المصلي أن يتعاهد أمر طهارته ووضوئه، فلا يتساهل في ذلك، ولا يزيد إلى حد الوسوسة.
ومما يؤسف له في ذلك أن بعض العامة لا يُعنى بالوضوء والطهارة، بل إن بعضهم ليتيمم مع قرب الماء، أو إمكان الوصول إليه، وهذا تفريط ظاهر.
الأمر الثاني: استقبال القبلة: وهو كذلك شرط مهم من شروط الصلاة، ومن كان في الحرم لزمه أن يتوجه إلى عين الكعبة، وبعض المصلين -هداهم الله- يجهل ذلك أو يتساهل فيه.
الأمر الثالث: ستر العورة: وهو كذلك من الشروط المهمة، وما يفعله بعض المصلين من التقصير في هذا الأمر بلبس الثياب الشفافة، أو السراويل القصيرة التي يُرى من خلالها لون البشرة وتُميز صفتها أمر ينبغي التنبه له.
والمرأة في الصلاة عليها أن تستر جميع بدنها إلا وجهها، إلا أن يكون عندها رجال من غير محارمها، أو تكون في المسجد الذي هو مظنة رؤية الرجال لها، فيجب عليها -والحالة هذه- أن تستر وجهها، وتأتي متبذلة محتشمة، غير متبرجة ولا متطيبة؛ لترجع مأجورة غير مأزورة.
الأمر الرابع: العناية بتسوية الصفوف: فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يسوي الصفوف بنفسه، كما ورد التشديد على من لمن يهتم بذلك، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: {عباد الله! لَتُسَوُّنَّ صفوفَكم، أو لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بين قلوبكم} وهذه مسئوليةٌ ينبغي أن يتعاون عليها الإمام والمأموم، بالحث والتواصي؛ ولكن يُحذر الإيذاء، ويدفع العنت، وهذا من فقه المصلي وحكمته.
الأمر الخامس: لب الصلاة وروحها، ألا هو الخشوع فيها، يقول سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:١ - ٢].
فأين الخشوع عند أولئك المتكاسلين عنها، المستسهلين لها، الذين يتضايقون ويتبرمون ويودون الراحة منها؟!
وأين الخشوع عند أولئك المتشاغلين فيها؟ صلاتهم عبث وحركة، التفات وتمايُل، نقرٌ وعجلة، قلوبهم في كل وادٍ تهيم، وعقولهم في كل مكان تسرح، فصلاة كهذه خداج لا تمام.
فواجب المصلي أن يلازم الخشوع وحضور القلب، وأن يأخذ بالأسباب التي تعينه على ذلك، ويحذر الصوارف عنه.
والطمأنينة -أيها المصلون- ركن عظيم من أركان الصلاة، لا تصح الصلاة إلا به، وقد ابتلي كثير من الناس لضعف الإيمان، وقلة الفقه، وتمكن الدنيا في النفوس بالتساهل فيها والعياذ بالله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته؛ لسرعته وعدم طمأنينته: {ارجع فصلِّ، فإنك لم تصلِّ} متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
الأمر السادس الذي ينبغي التنبه إليه: وجوب متابعة الإمام، يقول عليه الصلاة والسلام: {إنما جُعل الإمام ليؤتم به} فلا يجوز التقدم عليه ومسابقته، بل إن ذلك قد يكون سبباً في رد الصلاة وبطلانها، وقد ورد الوعيد الشديد على مَن هذه حاله.
يقول عليه الصلاة والسلام في حديث أبي هريرة المتفق عليه: {أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحوِّل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل صورته صورة حمار}.
وقال الإمام أحمد رحمه الله: ليس لمن سبق الإمام صلاة.
وأمرٌ هذه خطورتُه، وتلك عقوبته، ينبغي للمصلي أن يتنبه إليه جيداً، ولا يستهويه الشيطان -أعاذنا الله منه- الذي يريد أن يفسد على المصلين صلاتهم.
وحال كثير من المأمومين في هذا الأمر يؤلم ويؤسف، فالله المستعان!
فلنتق الله -يا عباد الله- في أمورنا عامة، وفي صلاتنا خاصة؛ فإن حظ المرء من الإسلام على قدر حظه من الصلاة، ولنفكر في حالنا ماذا جنينا من جراء التهاون بشعائر الإسلام كله، ولا سيما الصلاة؟!
إن أمةً لا يقف أفرادها بين يدي الله في الصلاة؛ لطلب الفضل والخير منه؛ لجديرة ألا تقف ثابتة في مواقف الخير والوحدة والنصر والقوة؛ لأن هذه كلها من عند الله وحده.
فإذا أصلحنا ما بيننا وبين الله، أصلح الله ما بيننا وبين الناس، وإن مَرَدَّ تَرَدِّي كثير من الأوضاع في شتى البقاع لِتَرَدِّي أبنائها في أودية المخالفات، وعدم القيام بما هو من أوجب الواجبات، ألا وهو الصلاة.
واللهُ المسئول أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، ويرزقهم الفقه في دينه، والبصيرة فيه، وأن يجعلهم محافظين على شعائر دينهم، معظمين لها، قائمين بعمودها على خير وجه، إنه جواد كريم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.