للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الوسطية في مجال المعاملات]

وهكذا في مجال الحرية بين الفرد والمجتمع: حرية الرأي والفكر والسلوك وغيرها؛ جعل الإسلام ضوابط شرعية لهذه الحرية، بحيث تكون ضمن دائرة المشروع، ومجانبة المحظور الممنوع.

وفي النظام السياسي: جاء الإسلام وسطاً بين النظم، مبيناً حقوق الراعي والرعية، حاضَّاً على العدل والقسط، معلياً قيم الحق والأمن والسلام، والسمع والطاعة بالمعروف، مترسماً المنهج الشوري المتكامل، سابقاً شعارات الديمقراطيات المعاصرة إلى تحقيق منافع البلاد والعباد في بعد عن الاضطراب والفوضى، محاذراً الديكتاتورية في الحكم، والاستبداد في الرأي: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) [آل عمران:١٥٩].

ومما يجلي وسطية الإسلام: جمعه بين الأصالة والمعاصرة، وتميزه بالثبات والمرونة، وحسن التعامل مع المتغيرات، ووضع الضوابط للاجتهاد في النوازل واستيعاب المستجدات، فهو بثوابته وأصوله يستعصي على التميع والذوبان، وبمرونته يستطيع التكيف ويواجه التطور بلا جمود ولا تحجر بل يبني الحياة على القواعد الشرعية، والنواميس المرعية التي تستجيب لحاجات الأمة في مختلف الظروف والأحوال: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:٥٠].