للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل الحج وأعماله]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله، نحمدك ربي وأنت الرحيم البر، حمداً كثيراً يتجدد في الآصال والبكر، ونشكرك على ما مننت به علينا من حلول يوم النحر.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليم بما بطن وما ظهر، سبحانه وبحمده، تعاظم ملكوته فاقتدر، وتعالى جبروته فقهر.

وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله ومصطفاه من البشر، ذو المجد الأغر، والوجه الأنور، والجبين الأزهر، والفضل الأظهر، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه السادة الغرر، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ ما اتصلت عينٌ بنظر، وأذنٌ بخبر، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فيا إخوة الإسلام: ويا حجاج بيت الله الحرام! أوصيكم ونفسي بتقوى الله الملك العلام، فإنها خير زادٍ يبلغكم إلى دار السلام، وهي السبب لتكفير الذنوب والآثام: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة:١٩٧].

عباد الله: حجاج بيت الله! اشكروا الله جل وعلا على نعمه العظيمة وآلائه الجسيمة، حيث تعيشون هذه الأجواء الروحانية العبقة، والنفحات الإيمانية المباركة، بعد أن من الله عليكم بالوقوف على صعيد عرفة، والمبيت بـ مزدلفة، والإفاضة إلى منى، والقيام بما تيسر من أعمال يوم النحر؛ من الرمي والذبح والحلق والطواف، فيا لها من مواقف عظيمة، وأعمالٍ جليلة! حيث تسكب العبرات، وتتنزل الرحمات، وتقال العثرات، وتحل الخيرات والبركات، وتمحى الذنوب والسيئات، اشكروا الله جل وعلا أن بلغكم هذا اليوم العظيم، وهذا الموسم الكريم.

لك الحمد يا رب الحجيج جمعتهم ليوم طهور الساح والعرفات

واعلموا -رحمكم الله- أن يومكم هذا يومٌ مبارك، رفع الله قدره، وأعلى ذكره، وسماه يوم الحج الأكبر، وجعله عيداً للمسلمين حجاجاً ومقيمين، فيه ينتظم عقد الحجيج على صعيد منى، في هذا اليوم المبارك يتقرب المسلمون إلى ربهم بذبح ضحاياهم، اتباعاً لسنة الخليلين إبراهيم ومحمدٍ عليهما الصلاة والسلام، فهنيئاً لكم يا حجاج بيت الله الحرام، ولتهنئي يا أمة الإسلام في هذا اليوم الأغر بحلول عيد الأضحى المبارك، أعاده الله على أمة الإسلام بالخير والنصر والعز والتمكين، ويا بشرى لكم رعاكم الله حيث تعيشون أجواءً روحانية، ولحظاتٍ إيمانية يتوجها وسام شرف الزمان والمكان، فيومكم هذا -يا عباد الله- غرة في جبين الزمان، وابتسامة في ثغر الأوان، كيف وقد جمع الله لكم فيه عيدين في عيد، إنه يومٌ تثمر فيه أغصان القلوب، وتتحات فيه أوراق الذنوب، وتجتمع الخلائق تدعو علام الغيوب، وتسأله رفع الدرجات، وتنزل الخيرات، ونجاح الطلبات والرغبات.

فيه يتذكر الحاج تاريخنا الإسلامي المجيد على ثرى هذه الربى والبطاح، ألا ما أشد حاجة الأمة الإسلامية اليوم إلى أخذ الدروس والعبر من هذه المناسبة الإسلامية العظيمة! لتستعيد مجدها بين العالمين، وتحقق بإذن الله العز والنصر والتمكين.

في هذا اليوم المبارك يتذكر المسلم عبق الذكريات الخالدة، وشذا الانتصارات الماجدة، ويسعى في تحقيق الآمال الواعدة، والأماني الصاعدة، وهو يعيش هذه الأجواء العبقة.