للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اقتراح المشروع الحضاري في الحوار مع الأمم]

أمة الإسلام: إن سيبل المواجهة لهذه الحملات الإعلامية أضحى أمراً حتمياً على الغيورين، بعدما تبين خطورة الأمر وأبعاد المؤامرة، وأن القوم يعدون لأبعاد تآمرية على أمتنا الإسلامية، لا يمكن إغفالها أو تجاهلها، أوالاعتذار عنها وتبريرها، أو ظن أن التنازلات والاستجابة لشدة ضغوط هذه الحملات تستثني أصحابها عن تحقيق أحلامهم ضد هذه الأمة.

وإذا ما أخذنا شاهداً حياً على ذلك: فإن قضية المسلمين الكبرى، قضية فلسطين المسلمة المجاهدة، تأتي مثلاً ساخناً على الأطماع الدنيئة لأصحاب هذه الحملات الدعائية العدوانية، حيث صورت المقاومة الشرعية والانتفاضة الجهادية على أنها عمليات إرهابية.

واليوم يكاد أسفنا لا ينقضي ونحن نرى ونسمع ما يتحدى مشاعر أكثر من مليار وربع المليار من المسلمين ويمثل صدمة عنيفة لهم، وذلك بقرار خطير غير مسبوق يسلب مدينة القدس عروبتها وإسلاميتها، في تحدٍ للحقوق التاريخية والقرارات الدولية، مما يتطلب استنفاراً إسلامياً على كافة الأصعدة والمستويات؛ لمواجهة صهينة أولى القبلتين، ومسرى سيد الثقلين، صلى الله عليه وسلم أقر الله الأعين بفك أسره وتحريره.

ومن هنا: فإن تبني الأمة للمشروع الحضاري سوف يسهم بأفعال -لا بردود أفعال- إلى مواجهة مثل هذه الحملة وأبعادها بالأساليب الحضارية الهادفة إلى تثبيت هوية الأمة، وتفعيل دورها، من حيث كونها أمة الخيرية والرحمة والشهادة على العالمين، وإبراز دورها الحضاري، وحقها التاريخي ووجهها المشرق، وتصحيح الصور المغلوطة عن الإسلام وأهله، وتوعية الأمة بخطورة الحملة ضد دينها وثوابتها وبلادها ومقدساتها، والسعي في إصلاح أحوالها، وتفادي أزماتها لتقوية عقيدتها بربها، والتلاحم الصادق بين قياداتها وشعوبها، والمطالبة بتجاوز خلافتها الجانبية، ومعاركها الوهمية، والتوحد في وجه الطوفان الكاسح الذي يسعى لاجتياح الجميع، وأن يتم تنسيق الجهود بسد جميع الثغرات التي ينفذ منها المصطادون بالمياه العكرة، والحاجة ملحة لمقابلة الحملة بنفس وسائلها، وإلى وضع برنامج علمي إعلامي مدروس يتسم بحسن العرض، وأسلوب الخطاب، والمتمثل في قول الحق تبارك وتعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة:٨٣] {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء:٥٣] {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:١٢]، والحوار الحضاري للعالم بلغاته الحية، وتوضيح الحقائق أمامه، وبيان خطورة الحملات الظالمة، وما تجره من استعداء العالم، وإعلاء لهجة الحقد والكراهية والتميز، وما تجره من شقاء على الإنسانية.

والحق أن غياب الإعلام الإسلامي الهادف ومواكبة التطور التقاني، واستثمار القنوات الإعلامية الفضائية، والشبكات المعلوماتية الإلكترونية كان من أكبر العوائق لوصول الكلمة الرصينة، والحوار الهادف إلى العالم، فهل يعي رجال الإعلام والأعمال في الأمة، حقيقة دورهم ووجوب إسهامهم في هذا المشروع الحضاري، دفاعاً عن دينهم وأمتهم وبلادهم؟!

وهل يحسن علماء الشريعة ودعاة الإسلام عرض ما لديهم من حق وثوابت مرتبطاً بالمبادئ والغايات والمصالح والقيم والأخلاقيات والآداب والشرائع والجماليات في تنسيق للجهود، وسلامة للصدور، وبعد عن غوائل الشرور، ومراعاة للأولويات، وحسن تعامل مع المتغيرات المرتبطة بالوسائل والأساليب، حتى تقام الحجة، وتتضح المحجة، فالحق يعلو ولا يعلى عليه؟!

وفي طلعة البدر ما يغنك عن زحل: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} [الرعد:١٧].

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، وبسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم إن ربي لطيف لما يشاء، إنه هو العليم الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.