للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صفة الحج إجمالاً

الحمد لله حمداً كثيراً مباركاً كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماء الحسنى والصفات والعلى.

وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، وحبيبه وخليله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه وصفوته من رسله، أرسله الله هادياً ومبشراً ونذيرا، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وإخوانه وأتباعه، وسلم تسليماً كثيراً.

الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله! والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [البقرة:٢٨١].

واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة؛ فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار.

حجاج بيت الله الحرام: ضيوف الرحمن! اشكروا الله على ما مَنَّ به عليكم من الإفاضة من مزدلفة إلى منى، بكل يسرٍ وسهولة، واستفتحوا أعمالكم بـ منى برمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات، ثم بعد الرمي ينحر المتمتع والقارن هديه، ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل، وإذا فعل الحاج اثنين من ثلاثة هي: الرمي والحلق والطواف حلَّ له كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء فإنها لا تحل له إلا بعد التحلل الثالث، بفعل هذه الأمور الثلاثة كلها، ومن قدم بعض هذه الأمور على بعض فلا حرج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: {ما سئل يوم النحر عن شيء قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال: افعل ولا حرج} وطواف الإفاضة ركنٌ من أركان الحج لا يتم الحج إلا به، يقول سبحانه: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:٢٩] وبعد الطواف يسعى المتمتع سعياً ثانياً لحجه، وكذا المفرد والقارن إن لم يسعيا مع طواف القدوم، ثم يبيت الحجاج بـ منى ليالي أيام التشريق، ويرمون الجمرات الثلاث بعد الزوال، والرمي والمبيت بـ منى هذه الليالي واجبٌ من واجبات الحج، وإذا فعل الحاج هذه الأمور فإن أحب أن يتعجل فله ذلك، وإن تأخر فهو أفضل، يقول سبحانه: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [البقرة:٢٠٣].

وإذا أراد الحاج الرجوع إلى أهله ومغادرة المشاعر المقدسة، وجب عليه أن يطوف للوداع لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: {أُمِر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت} إلا أنه خفف عن المرأة الحائض.