للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أصناف الناس في استقبال هذا الشهر الكريم]

أمة الإسلام: بماذا عسانا أن نستقبل شهرنا الكريم، وموسمنا الأغر العظيم؟ إن الناظر في واقع الناس اليوم إزاء استقبال هذا الشهر الكريم يجدهم أصنافاً.

فمنهم: من لا يرى فيه أكثر من حرمانٍ لا داعي له، وتقليدٍ لا مبرر له، بل قد يرفع عقيرته مدعياً أنه قيودٌ ثقيلة وطقوسٌ كليلة تجاوزها عصر الحضارة وتطور الثقافة وركب المدنية الحديثة.

ومنهم من لا يرى فيه إلا جوعاً لا تتحمله البطون، وعطشاً لا تقوى عليه العروق.

ومنهم من يرى فيه موسماً سنوياً للموائد الزاخرة باللذيذ المستطاب من الطعام والشراب، وفرصة سانحة للسمر والسهر واللهو إلى هجيعٍ من الليل، بل إلى بزوغ الفجر، ممتطين صهوة الفضائيات، وما تقذف به شتى القنوات، وما تعج به شبكات المعلومات، يتبع ذلك استغراق في نومٍ عميق نهاراً، فإذا كان من ذوي الأعمال تبرم بعمله، وإذا كان من أصحاب المعاملات ساءت معاملاته وضاق عطنه، وإذا كان موظفاً ثقل عليه الالتزام بأداء مسئولياته، وقلَّ إنتاجه وعطاؤه، وغالب هذا الصنف هم من يملأ الأسواق هذه الأيام تبضعاً وتخزيناً للمواد الغذائية المتنوعة زاعمين أن ذلك يترجم الاستقبال الأمثل لرمضان.

وفي الأمة بحمد الله وهم الأكثرون إن شاء الله من يرى في رمضان غير هذا كله، وأجلَّ منه جميعه، يرون فيه دورة إيمانية تدريبية لتجديد معانٍ عظيمة في النفوس، من الإيمان العميق، والخلق القويم، والصبر الكريم، والعمل النبيل، والإيثار الجليل، والتهذيب البليغ، والإصلاح العام للأفراد والمجتمعات.