للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التوبة ومحاسبة النفس]

إن المسلم الذي يريد أن يقبل حجه، وأن يكون حجه مغفوراً هو المسلم الذي يحاسب نفسه ويتقي الله عز وجل، فما كان من عمل صالح فليستمر وما كان من سوء وتقصير فليتب إلى الله، وليفتح صفحة جديدة في حياته، كل منّا مقصّر، وكل منّا خطّاء، وكل منا يواقع ألواناً من الذنوب، والبشر هذا طبعهم، وتلك سجيتهم، ولكن على المسلم ألا يبتعد عن الله، وألا ينسى الله جل في علاه، وأن يأخذ من هذه المواسم مرحلة ومحطة للتزود بالأعمال الصالحة التي تقربه إلى الله، وليجدّ في حسن الختام في ختام ذلك الموسم؛ فإن الأعمال بالخواتيم.

وإنني لأطالب كل حاجّ -وأخص كل من يسمع هذا الكلمة، وحضر هذا المجلس- أطالبه بأن يتقي الله سبحانه وتعالى، وألا يخرج من هذا المكان إلا وقد عاهد ربه وأخذ على نفسه العهد أن يكون تائباً إلى الله، جاعلاً من هذا الموسم فرصة للعمل الصالح والانطلاقة إلى الله والعمل للآخرة.

وإنني لأناشد كل مقصر وأولهم المتحدث أن يقبل على الله سبحانه وتعالى، وأن يتوب إلى ربه وأن يفتح صفحة جديدة بعد أن تخفف من أحماله، وبعد أن تخفف من بعض ذنوبه، فيا لها من فضائل! ويا لها من مواسم! هذه المواسم التي تتنزل فيها الرحمات، وتغفر فيها الزلات، ويباهي الله ملائكته، بحجاجه وعباده، ويقول: انظروا إلى عبادي ويشهدهم أنه قد غفر لهم، وأنه أعتقهم من النار بمنه وكرمه.

إنه لمن المخادعة للنفس، ومن المخجل بعد هذا الخير العميم وهذا الفوز العظيم أن نحاجّ الله وأن نقبل على سالف حياتنا البعيدة عن الله، وأن نستمر في معصية الله، وأن تستمر الأمة في أوضاعها المتردية وفي أحوالها المزرية.

إن على الأمة إذا أرادت الخير لنفسها، والحل لمشكلاتها أن تجعل من هذه المواطن فرصة للرجوع إلى الله وتحكيم شريعة الله، والبعد عن غير الله سبحانه، والإقبال على الله جل وعلا، والاعتصام بحبل الله وحده.