[الأسباب الباعثة على الإخلاص]
فينبغي علينا أن نعود إلى أنفسنا وأن نحاسبها ونسأل الله دائماً الإخلاص وهذه -أيضاً- من الأمور المهمة.
ما هي الأسباب الباعثة على الإخلاص؟
الدعاء بالإخلاص في كل قول وعمل، تسأل الله وتلح عليه سراً وجهاراً، ليلاً ونهاراً؛ أن يرزقك الإخلاص، وهذا أمر مهم، الدعاء والالتجاء إلى الله، والاعتصام به، ومجالسة الأخيار الذين يُذكرونك بالله، ويبينون لك ضعف نفسك.
كذلك من البواعث والأسباب التي تقوي الإخلاص: الرفقة الصالحة، وطلب العلم من أهله، ومجالسة الصالحين، والذكر والدعاء والعبادة، كلُّ ذلك مما يقوي الإخلاص لله عز وجل.
أيضاً: ينبغي على الإنسان أن يعرف مداخل الشيطان، وهذه من الأمور المهمة التي تُنافي الإخلاص وتُنقصه أو توقع صاحبه في الرياء، على الإنسان أن يحذر عدوه الشيطان بالاستعاذة بالله منه، وأن يبتعد عن الرياء ويدعو الله دائماً أن يُعيذه من الرياء، لكن عليه ألا يترك العمل الصالح لأجل الناس.
هناك شبهة: بعض طلبة العلم يترك طلب العلم، ويترك تعليم العلم، ويترك الدعوة إلى الله، ويترك إمامة المساجد، ويقول: هذا أقرب إلى الإخلاص؟! وليس هذا بصحيح، ادع الله! واسأله الإخلاص وأخلص نيتك لله، وقم بهذا العمل.
فلا تترك العمل لأجل الناس، ولا تعمل لأجل الناس، بل اعمل ابتغاء وجه الله واترك العمل إذا كان غير صالح وغير خالص، أما إذا كان العمل صالحاً فأقبل ولا تتردد أبداً، واعلم أن ترددك إنما هو من الشيطان.
وعلينا أيها الإخوة! أن نتواصى في هذا ونتناصح؛ لنكون أقرب إلى الإخلاص بالأسلوب الحسن وبالحكمة والموعظة الحسنة، وأن نعود إلى أنفسنا.
إلى متى يظل الإنسان يتبع الهوى؟!
وإلى متى يظل الإنسان يُعجب برأيه؟!
وإلى متى يضرب الإنسان بآراء إخوانه عرض الحائط؟
وإلى متى يجر الإنسان لنفسه ولأمته ولإخوانه الشر والفساد؟
لا بد من النظر في نصوص الشريعة ومقاصدها ولا بد من عرض أمورنا على القواعد الشرعية، وألا نتحرك كل التحرك ولا نعمل كل عمل إلا وأمامنا أهل العلم الربانيون المخلصون هكذا نحسبهم ولا نُزكي على الله أحداً.
نسأل الله تعالى أن يمنَّ علينا وعليكم بالإخلاص، وأن يجعلنا وإياكم من المخلصين في أقوالنا وأعمالنا ونياتنا، وأن يرزقنا وإياكم صلاح النية، وصلاح الذرية، وصلاح القول والعمل، وأن نكون فيه مخلصين لله، متبعين فيه لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يعيذنا من الرياء والسمعة، وأن يرزقنا رضاه وإن سخط الناس.
نسأله تعالى أن يرزقنا الحق ويحببنا فيه، ويرزقنا اتباعه، ويجنبنا الباطل ويرزقنا اجتنابه، وأن يجعلنا وإياكم متآخين متعاونين على البر والتقوى، ونشهد الله تبارك وتعالى أننا نحبكم في الله، وأننا ندعو لكم وأن حضوركم هذا ما هو إلا دليل على إخلاص وحسن نية إن شاء الله، وما هو إلا دليل على الرغبة في الخير.
نسأل الله تعالى أن يجمعنا وإياكم على الخير، وأن يرزقنا وإياكم التآخي والمحبة فيه، مخلصين فيه لوجه الله، فأنتم لا تحبوننا لدنيا عندنا، ونحن لا نحبكم لدنيا عندكم، فالذي يأتي بالدنيا ويصرفها هو الله، يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، هذا هو الاعتقاد الذي نعتقده، وأنه لا ينفع إلا الله، ولا يضر إلا الله كائناً من كان ذلك الإنسان أو ذلك الأمر.
فينبغي علنيا أن نتآخى في الله عز وجل وأن نتواصى فيه، وأن نخلص النية لله عز وجل، وأن نستحضرها في كل أعمالنا، في بيوتنا وأعمالنا ومدارسنا وطلبنا للعلم ودعوتنا وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر، في ولائنا لولاة أمرنا وفي غير ذلك من الأمور، كل ذلك نخلص فيه لله تبارك وتعالى.
ونسأله تبارك وتعالى أن يمنَّ علينا وعليكم بالقبول، وأن يرزقنا وإياكم جزاء المخلصين في جناتٍ ونهر في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر، بمنه وكرمه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.