للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبب الفوز والفلاح هو دين الإسلام]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونثني عليه الخير كله، نشكره ولا نكفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهدِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، أرسله بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، فبلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلَّى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على هديه واتبع سنته، ودعا بدعوته إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها المسلمون: اتقوا الله عزَّ وجلَّ، فإن تقوى الله سبحانه جماع كل خير، وسياج من كل شر، واذكروا نعمة الله عليكم بهذا الدين، الذي اختاره الله ورضيه لكم، وفضَّله على جميع الأديان، ولأجله خلق خلقه، وأنزل كتبه، وأرسل رسله {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:١٦٥].

ومن تمام نعمته تعالى: أن جعله دين اليُسر والسماحة، لا حرج فيه ولا مشقة ولا عنت، لم يأمر أهله بما لا يستطيعون، ولم يكلفهم ما لا يطيقون، رفع عنهم الآثار والأغلال {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة:٦]، أحلَّ الله فيه كل طيب نافع، وحرَّم كل خبيث ضار، رعى مصالح العباد في عاجل أمرهم وآجله، وقصد إلى حماية دينهم وأموالهم ونسائهم وأعراضهم وعقولهم، ودرأ المفاسد والشرور عنهم، جاء بما يحتاج إليه البشر في دينهم ودنياهم في شتى مجالاتهم، ومختلف نواحي حياتهم.

فهو منهج للحياة البشرية بكل مقوماتها، وقد اشتمل على العقيدة الصافية، والعبادة الخالصة، والمبادئ السامية، والأخلاق العالية، والنظم العادلة، والأسس الكاملة؛ ولذلك فالعالم البشري بأجمعه مفتقر إلى أن يأوي إلى حماه، ويتفيء وارف ظلاله، ويفيء إلى نهجه وعدله بعد أن سامتهم القوانين الوضعية والنظم البشرية سوء العذاب، وأذاقتهم من الويلات والنكبات ما يشهد به التاريخ في قديم الزمان وحديثه.

فالضلال والشقاء، والخوف والقلق والاضطراب وعدم الأمن على الأنفس والأموال والأعراض، كل ذلك وغيره من إفرازات البُعد عن شريعة الله والإعراض عنها.

إخوة العقيدة: لقد جاء الإسلام مواتياً بمتطلبات الأفراد والمجتمعات والدول، راعياً وحافظاً لحقوق الإنسان ومصالحه، ولم تعرف البشرية مطلقاً نظاماً ولا مبدأً أولى هذا الأمر عناية واهتماماً كما أولاه الإسلام، بل وما بلغت معشار ما جاء به، ولا يتأتى حفظ مصالح الإنسان ورعاية حقوقه، وجلب الخير له، ودرء الخطر عنه إلا في ظل الإسلام الحق، الذي جاء به رب العزة، وهو خالق الخلق وأدرى بمصالحهم، وأعلم بمنافعهم {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:١٤].

أمة الإسلام: لقد جاء هذا الدين صالحاً لكل زمان ومكان، مسايراً لفِطَر البشر، مراعياً لتغيرات الحياة، مواكباً للتقدم والحضارة، متكفلاً بعلاج مشكلات الأمم الحربية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها؛ ولكن -ويا للأسف- زهد كثير من أهل الإسلام وأبنائه بتعاليمه وأحكامه وأخلاقه، وتلمسوا مناهجهم من غيره، وابتغوا الخير فيما سواه، وايم الله لقد قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ، وقد ضمن الله عزَّ وجلَّ لمن تبع هديه ولزم شرعه سعادة الدارين، وكتب الشقاء والذل والصغار على من أعرض وتكبر عنه.