[الدعوة عبر الإنترنت]
خذوا على سبيل المثال: وسيلة من الوسائل المعاصرة، لم تحظَ وسيلة من وسائل نشر المعلومات ما نالته هذه الوسيلة تلكم هي: ما يعرف بـ (جهاز الإنترنت).
ولكم أن تتصوروا أن الذين يستخدمونه في العالم بلغ ما يقرب من مائتي مليون نسمة، لما يتصف به من مزايا اللازمان واللامكان، مع التفاعلية والمجانية أو شبه المجانية، مع تنوع الاستخدامات، وسهولة الاستعمالات.
والسؤال الذي يطرح نفسه: أليست هذه فرصة سانحة للدعاة إلى الله الذين يهمهم أمر هذا الدين؛ ليثبتوا للبشرية عالميتنا الحقة ورسالتنا السمحة؟!
ويا لها من أمانة ومسئولية! وإن الغيور ليتساءل: ما مدى استفادة مؤسساتنا الدعوية من تِقانة الشبكات المعلوماتية، التي تشق طريقها إلى الاستمرار والتضخم، شئنا أم أبينا في ظل ما يسمى بـ (ثورة التقانات وتفجر المعلومات)؟!
إن على الأمة الإسلامية ألا تقف موقف المتفرج، وإنما يجب عليها الدخول إلى حلبة السباق لتنافس في هذا المضمار، وأن تأخذ بزمام المبادرة في نشر الحق الذي معها، وإذا كان العالم الغربي ينافس في نشر عولمة مفضوحة، فإن عالميتنا الحقة أولى أن تؤثّر ولا تتأثر، وتقدم ولا تحجم، وتصدِّر ولا تستورد، وتنافس ولا تقلد، فالخطر في تزايد، والشرور في تكاثر، والسنن لا تتغير، والمستجدات لا تتمهل، والثقافات الوافدة والمناهج المستوردة تهدد الأمة في عقيدتها وقيمها، ويزداد الأمر خطورة حينما يتراجع أهل الحق عن الميدان، فيشغله أولياء الشيطان.
فإلى المهتمين بشئون الدعوة الإسلامية، وإلى رجال المال والأعمال والإعلام: الله الله في الاضطلاع بهذا الدور المهم! فالدعوة مسئولية المسلمين جميعاً، كل في مجاله، وعلى حسب قدرته ومكانته، فكل على ثغر من ثغور الإسلام، فالله الله أن يؤتى الإسلام من قبله.
كما أنه لا بد من التنسيق في ذلك بين المواقع الإسلامية، وأن تكون تحت إشراف هيئات علمية معتبرة، ومرجعية شرعية موثوقة، ومظلة دعوية مأمونة، حتى لا تنساق الأعمال الإسلامية وراء أخبار ملفقة، أو شائعات مغرضة، تبعث عليها عواطف مجردة، بعيداً عن التأصيل الصحيح، والمنهجية المدروسة.
ألا ما أحوج البشرية اليوم إلى أن تتفيء ظلال هذا الدين القويم، وتسخر كافة الإمكانات ووسائل العصر لهذا الهدف النبيل، بعد أن سئمت حياة الماديات، وملت بريق الشعارات، مما يتطلب الجد في مجال العمل للإسلام، والنهوض بمستوى الدعوة الإسلامية، وتنسيق الجهود بين العاملين، والحذر من الفرقة والخلاف، التي لا يستفيد منها إلا العدو المتربص.
إن هناك فرصاً عظيمة يؤسف كل غيور على أوضاع أمته أن تفرط الأمة في استثمارها، فالأرض خصبة جداً، والناس متعطشون، والفرص مواتية، وإن القضية ترجع إلى حاجة الأمة اليوم إلى وضع خطط سليمة، ومنهجية صحيحة، تخرج دعاة على مستوى العصر الذي يعيشونه لنثبت للعالم صدق توجهاتنا، ونبل مقاصدنا، بعد أن شُوِّه الإسلام من طرفَي الإفراط والتفريط، ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه.
أيعجز كل مسلم أن يقدم شيئاً ولو يسيراً في الدعوة إلى الله؟! فتكلفة أيسر رسالة تعريفية بالإسلام ومحاسنه والدعوة إليه أقل من دولار واحد، قناة إذاعية تبث القرآن والسنة والدعوة بمبلغ ليس بالكثير على نشر دين الله.
فاحرص أخي المسلم على المشاركة في الدعوة إلى دينك القويم، والإسهام في الدعوة إليه، عن طريق الجهات الموثوقة، والهيئات المأمونة عقيدةً ومنهجاً وسلوكاً.
أما الحلم الذي يراود كل غيور فهو تلك القناة الإسلامية العالمية، التي لم تَعْقَم بإذن الله أرحامُ أمهات أهل الإسلام فيمن يتبناها، ويقر عيون المسلمين ويثلج صدورهم بإيجادها وإنشائها في ظل هذا الزخم المسف من الفضائيات المأفونة التي تعلو فيها الرذائل وتُوأد فيها الفضائل.
فأين الحمية الدينية؟! وأين الغيرة الإسلامية؟!
أما لله والإسلام حقٌ يدافع عنه شُبان وشيبُ؟!
فقل لذوي البصائر حيث كانوا أجيبوا الله ويحكمُ أجيبوا