حجاج بيت الله الحرام! إخوة الإسلام في كل مكان: أعلنوها دائماً وأبداً (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك) في الحج وفي غيره من أعمال الطاعات، استجيبوا لربكم في كل أوامره، من قبل أن يأتي يومٌ لا مرد له من الله، واصدقوا مع ربكم، واصقلوا قلوبكم بطاعته، واغتنموا ما يمر بكم من مناسبات فاضلة، وسارعوا فيها إلى مغفرة من ربكم، وإذا خرجتم منها فاخرجوا خروج الغانم الكاسب، المغتبط بما أوتيه من توفيق لطاعة الله، ولزوم العهد الذي كان عليه فيها، من فعل الفضائل برغبةٍ فيما عند الله، واجتناب الرذائل برهبةٍ وخوفٍ من الله.
واعلموا أن المناسبات الإسلامية كالحج وغيره؛ ليست تغيراً مؤقتاً في حياة الناس، وإنما هي تغيرٌ مستمر، تغيرٌ شامل لكل الجوانب، تغيرٌ بعد الحج من حياتكم اللاهية العابثة، حياة اللهو والهزل؛ إلى حياة الجد والمثابرة، ومن حياة التسويف إلى حياة العزم الصادق والتوبة النصوح، ولو أن المسلمين اليوم، استفادوا من مناسبة الحج الذي يعطيهم دروساً في الوحدة، ودروساً في التضامن، والاعتصام والمساواة والتعاون؛ لتغيرت حواسهم، ولهابهم أعداؤهم، ولبدل الله ذلهم عزاً، وخوفهم أمناً، وجهلهم علماً.
إخوة العقيدة: فما أحوجنا إلى الاستفادة الدائمة في حياتنا كلها من موسم الحج المبارك، بل وما أحوج العالم الإسلامي بأسره الذي يعيش التفكك والاختلاف، وحياة الذل والهوان، أن يستفيد منها، ويكون يداً واحدة على أعداء الدين، أسأل الله عز وجل أن يوفقنا للعمل الصالح، وأن يرزقنا القبول والمغفرة، والعتق من النار بمنه وكرمه، وأن يقبل من حجاج بيته الحرام حجهم وسعيهم، وأن يعيدهم إلى بلادهم سالمين غانمين؛ كيوم ولدتهم أمهاتهم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.