للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سبب إفلاس الحضارة المعاصرة]

أمة الإسلام! إن من المؤكد أن الحضارة المعاصرة تعلن إفلاسها، وذلك لأنها فرطت في أعظم مقومات البقاء، حيث أهدرت القيم الإنسانية، ورفضت أن يكون للدين سلطان على الحياة، ومن هذه الثغرة دخلت عليها آفات النقض وعوامل الإفلاس، ومع أنها حققت التقدم المادي وغزت الفضاء، ووصلت إلى الأمواج والبحار والهواء، لكنها تجاهلت الجانب الإنساني والمصير الأخروي قال الله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم:٦ - ٧].

لقد أهملت الإنسان وتجاهلت روحه ووجدانه، وعقله وقلبه، ولم تنسجم مع فطرته التي فطره الله عليها، بل فتحت له الشهوات البهيمية بدعوى الحرية الشخصية، وجعلت منه آلة تمور ورحى تدور، خالية من معاني الروح ومعالي القيم.

ولذلك تتعالى الصيحات من هنالك وهناك، منذرة بسوء مصير البشرية في ظل هذه الحضارة المادية؛ الخاوية من مقومات الروح والإيمان، وتوشك أن تنحدر إلى الهاوية، والفضل ما شهدت به الأعداء، هاهم النصبة يعلنون صيحات الخطر بأنه لا حضارة إلا بالإسلام، وهذه نصوص الشرع، وهذا شواهد التاريخ، وهذه شهادات الواقع، وليس من رأى كمن سمع.

لقد أعز الله هذه الأمة بالإسلام، هدمت معسكرات الوثنية، ودكت معاقل الجاهلية، وحطم القياصرة، وكسر الأكاسرة، وهزم التتار والصليبيون بالإسلام ليس بغيره، وانتصر المصطفى صلى الله عليه وسلم، وعز عمر وسعد وخالد وطارق وصلاح الدين بالإسلام، وأصبحت الأمة قوية مرهوبة الجانب بالإسلام ليس إلا، وستنتصر هذه الأمة المعاصرة بالإسلام بإذن الله؛ لأنه دين الفطرة قال تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم:٣٠].

ومع ذلك كله فلابد أن يقدم المسلمون لدينهم، ويصلحوا أنفسهم، ويعالجوا عيوبهم من الداخل، ويسدوا كل ثغرة يريد أن ينفذ العدو منها، وأن يتحدوا على المفترين، وينبذوا كل الاتجاهات والمذاهب وجميع الأحزاب والمشارب التي تخالف تعاليمه، وأن يؤصلوا في أنفسهم وأجيالهم العلم الشرعي النافع، والتربية السليمة.