للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحج ودروس الوحدة والتضامن]

يا أمة محمد عليه الصلاة والسلام! إن على الأمة الإسلامية -وهي على أبواب هذا الموسم العظيم- أن تعمل بجد وصدق للخروج من المحن والمصائب التي ابتليت بها، فطالما بكى الباكون، وتحدث الغيورون عن الأحوال المزرية التي يمر بها عالمنا الإسلامي.

أما آن لنا معشر المسلمين، أن نأخذ من هذا التجمع الإسلامي العظيم الدروس والعبر في الوحدة والتضامن، والبعد عن الفرقة والتشاحن، وهو يجمع المسلمين وإن بعدت الديار، ونأت الأقطار، وتباينت الألسن واللغات، واختلفت الألوان والجهات، يجمعهم على دين واحد، ومنهج واحد، في مكان واحد وزمان واحد، وهدف واحد، لتكون الانطلاقة لحل مشكلات الأمة المتأزمة، مهانةً وضعفاً، فرقةً واختلافاً، من هذا المكان المبارك، مهبط الوحي ومنبع الرسالة، الذي انطلقت منه عقيدة التوحيد ودعوة الإسلام، ورسالة الخير والسلام، لتعم جميع الأصقاع والأنام، وبذلك تتحقق أكبر منافع الحج بأذن الله، وإنها والله رسالة عظيمة، وأمانة جسيمة، في عنق كل حاج، يمثل لبنة في هذا المجتمع الإسلامي الكبير، فيشاطره آماله وآلامه، ويشاركه أفراحه وأتراحه.

ألا ما أمس حاجة الأمة الإسلامية اليوم، وهي تواجه أعتى التحديات وأبشع المؤامرات، ما أحوجها وهي تتوجه هذه الأيام نحو محورها الذي يجمعها، وتلتف حول راية واحدة، وقبلة واحدة، تتلاشى في ظلها فوارق اللغة والألوان، والأجناس والبلدان، في وحدة تجمع الشعائر والمشاعر، وتربي القلوب والقوالب، ما أحوجها أن تستلهم الحكم والآثار، من هذه الفريضة العظيمة، وتستيقن يقيناً لا يعتريه شك ولا مراء، بأنه لا يلم الشمل ويجمع القلوب، ويوحد الصف والدروب، إلا الاجتماع على راية واحدة لا ثاني لها، هي راية الإسلام على ضوء الكتاب والسنة، بفهم سلف الأمة رحمهم الله.

فلواحد كن واحد في واحد أعني سبيل الحق والإيمان

أمة الإسلام: إنه لا بد من إعداد العدد، وتنسيق الخطط، وتوحيد المناهج، والعمل لكل ما فيه صلاح الإسلام والمسلمين، تحقيقاً لكلمة التوحيد، وتوحيد الكلمة عليها، وإن واجب القادة والعلماء، والدعاة والزعماء، والمعنيين بقضايا التربية والتعليم، من حملة الأقلام ورجال الإعلام، والمهتمين بالفكر والرأي والإصلاح في ذلك عظيم وكبير.