للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحاديث الدالة على عظم الإخلاص ومكانة أهله]

أيها الإخوة الكرام: جاءت سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام ببيان شأن الإخلاص، وأنه القاعدة لهذا الدين، وأن الأمور إنما تؤخذ وتناط بمقاصدها، ففي الحديث الصحيح حديث عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: {إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه}.

ولما سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن: {الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله؟ قال عليه الصلاة والسلام: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله} وفي ذلك إشارة إلى شأن الإخلاص، وأن على الإنسان في عمله، وفي عقيدته، وصلاته، وزكاته، وفي صومه وحجة، وفي جهاده ودعوته إلى الله، وفي أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وفي صلته لرحمه، وفي بره لوالديه، في كل أمرٍ من أموره، ينبغي أن يخلص فيها لله جل وعلا، وأن من انقدح فيه غير ذلك من العمل للناس، أو لمرآتهم أو للتسميع، أو لثناء الناس ومحمدتهم، فهو للذي أشرك والله بريء منه.

وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة المشهور عن الثلاثة النفر الذين هم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، مَنْ هؤلاء؟ إنهم الذين آثروا حب الدنيا على العمل للآخرة، إنهم الذين لم يخلصوا لله عز وجل في أعمالهم، مع أن أعمالهم أعمال خير: جهاد وقراءة قرآن وتعلم للعلم، ففي هذا الحديث العظيم: {يؤتى بالعالم فيقال له: ماذا عملت؟ فيقول: تعلمت فيك العلم، وعلمته فيقال له: كذبت؛ ولكنك تعلمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فيسحب على وجهه حتى يلقى في النار}.