[عظم نعمة الإسلام على العباد]
أمة الإسلام! ما أنعم الله على عباده من نعمة هي أجلَّ وأعظم من نعمة الإسلام، ولا يتصور قدر هذه النعمة إلا من عرف ما جرَّته الجاهليات على الأمم والشعوب.
ما هي الأحوال قبل أن تشرق على الدنيا أنوار دعوة الإسلام؟
وما هي الأوضاع بعد أن انحسرت عن كثيرٍ من البقاع معالم الإسلام؟!
وماذا حدث بعد أن أُبعِدَ الإسلام عن الساحة، وطمست كثيرٌ من أنواره، ومحيت كثيرٌ من معالمه، وخلا الميدان من كثيرٍ من جوانبه؟
ماذا جرت الانحرافات العقدية والمنهجية والأخلاقية على الأمة الإسلامية، وأثرت في مسيرتها نحو التقدم والخير والسلام؟
ماذا قدَّم المسلمون يوم أن اكتفوا من الإسلام باسمه، ورضوا -جهلاً وسطحية- كل من ادَّعى الانتساب إليه، والتستر تحت لوائه، وغلبت الكثرة والكمية على الحقيقة والكيفية، وأصبح المسلمون غثاءً كغثاء السيل، يكتنفهم الضعف والذل، ويسودهم الخلاف والشقاق، وتلعب بهم شرذمة قليلة من أعدائهم، فتقتطع من قلب العالم الإسلامي أرضاً من أقدس الأماكن؛ لتنشأ فيها دولة إخوان القردة والخنازير عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة، فضلاً عن الحروب الضارية التي يشنها الأعداء بين الفينة والأخرى على بلاد المسلمين، ناهيك عن الغزو الفكري والأخلاقي الذي يضرب أصلابه في بقاع العالم بأسره؟!
ما الذي جرَّ هذه المصائب؟
وما الذي سبب هذه الأزمات والمشكلات؟
ما المخرج وما الاتجاه وما المصير؟
إنه الإسلام الحق ولا طريق غيره، ولكنه الإسلام الصحيح، إنه إسلام العقيدة والتوحيد الخالص لله رب العالمين، إسلام العبادة لتكون صواباً على نهج المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم، والانقياد الكامل لله وحده، إسلام العقيدة والعبادة، والأخلاق والأحكام، والعلم والعمل، والدعوة والجهاد.
الإسلام أن يستسلم العباد كلياً لله في ذوات أنفسهم، في الصغير والكبير، في الجليل والقليل؛ بحيث لا تبقى بعد ذلك بقية ناشزة من تصورٍ أو نية، أو شعورٍ أو عمل، أو خوفٍ أو رجاء، أو رغبة أو رهبة، لا تخضع لله ولا ترضى لحكمه وقضائه.
إنه الإسلام الذي جاء به الكتاب والسنة، والتزمه السلف الصالح وكفى، ليس إسلام الشعارات البراقة، والأبواق المزيفة، والدعاوى الباطلة.
عباد الله! إن الإسلام الحق، ليس همهمة بالأدعية، وطقطقة بالمسابح، وتمتمةً بالتعاويذ، ليس إسلام المناسبات والتظاهرات، والزوايا والموشحات والمظاهر والشكليات، ليس إسلام الهيام والمآتم وتعليق الحروز والتمائم، والاهتمام بالأشكال وتكوير العمائم، ليس اتكالاً على أن تمطر السماء على الأرض صلاحاً وخيراً وسلاماً وعدلاً فحسب.
إن الإسلام عقيدة صحيحة، وعبادة سليمة، دعوة وجهاد، ومنهاج عدلٍ وقوة وأمن وسلام، لا قتل ولا إرهاب، ولا ظلم ولا استبداد.