للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاتعاظ بحوادث الدنيا]

أمة الإسلام: إنه ليجدر بالعاقل الذي يرى ويسمع حلول حوادث الموت، وأخبار الانتقال من هذه الدار، من القصور إلى القبور، حيث ضيق اللحود، ومراتع الدود، أن يفيق من سباته، وأن يستيقظ من رقاده، وأن يتذكر الموت وشدته، وأن يتدارك لحظاته؛ فإن الموت الذي تخطانا إلى غيرنا سيتخطى غيرنا إلينا، فلنأخذ حذرنا ولن يؤخر الله نفساً إذا أجلها.

ثم لنتذكر أننا مسئولون -والله- عن أعمارنا وعن أوقاتنا، هلموا بنا عباد الله لنحاسب أنفسنا ونستلهم الدروس والعبر في ختام عامنا، ماذا قدمنا فيه من أعمال صالحة؟ دعونا لنتساءل عن عامنا كيف أمضيناه؟ وعن وقتنا كيف قضيناه؟ ولننظر في كتاب أعمالنا كيف طويناه؟ وفيه نبصر ما أسلفناه ونبين ما قدمناه، فإن كان خيراً حمدنا الله وشكرناه، وإن كان شراً تبنا إلى الله واستغفرناه.

يا إخوة الإسلام: والله ليست الغبطة بالتمتع بالملذات، وليست السعادة في تناول المشتهيات، إن الخير كل الخير أن يوفق المسلم في ختام عامه إلى التوبة النصوح، وفتح صفحة جديدة من الأعمال الصالحة قبل أن تقول نفس: {يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر:٥٦].

فاتقوا الله عباد الله! وحاسبوا أنفسكم، وتوبوا إلى ربكم من ذنوبكم، واحذروا التسويف فإن الموت يأتي بغتة، وهذا نداء إلى المفتونين في هذه الدنيا المضيعين لأوقاتهم في معصية الله أن يتقوا الله سبحانه، وأن يتداركوا أنفسهم قبل أن يعضوا أصابع الندم، وهمسة إلى المخدوعين بالبريق اللامع، والسراب الخادع، أن يعملوا لما أمامهم، فكفى غفلة يا عباد الله! وكفى إعراضاً والنذر تقرع القلوب وتأخذ بالألباب، ولكن الموفق من وفقه الله، فتدارك بقية عمره في طاعة الله.