للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[القرآن دستور المسلمين]

الحمد لله الذي أنزل كتابه الكريم هدى للمتقين، وعبرة للمعتبرين، ورحمة وموعظة للمؤمنين، ونبراساً للمهتدين، وشفاءً لما في صدور العالمين، أحمده تعالى على آلائه، وأشكره على نعمائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أحيا بكتابه القلوب، وزكى به النفوس، هدى به من الضلالة، وذكر به من الغفلة، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، الذي كان خلقه القرآن فصلوات الله عليه وعلى آله وصحبه، الذين كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يعلموا ما فيها من القول والعمل، ورضي الله عن جنده وحزبه، ومن ترسم خطاه وسار على نهجه، ما تعاقب الجديدان، وتتابع النيران، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها المسلمون! اتقوا الله تبارك وتعالى واشكروه على أن هداكم للإسلام، وجعلكم من أمة القرآن المعجزة الباهرة، والآية الظاهرة، كتاب الهدى وسفر الشهادة، ولواء الريادة والسيادة، وإمام الخير والحق والفضيلة، ودستور العدل والأمان في كل زمان ومكان: {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:٤٢].

أمة القرآن! إن سعادة البشرية وصلاح البلاد والعباد، مرهون باتباع هذا الكتاب، فإن كان قائداً إماماً نصب الأعين وبين الأيدي؛ حصلت سعادة الدارين، ونجاة الحياتين، وإن كان خلف الظهور والعياذ بالله! عم الذل والشقاء في الأولى والأخرى، ولو وقفت الأمة تحت راية القرآن وتفيأت ظلال دوحة الفرقان؛ لنالت سلم المجد، وتبوأت مكانة العزة والشرف والقوة، ولو أنها حافظت عليه وعملت بما فيه؛ لضاءت لها المسالك، وتفتحت لها المدارك، ولو درس المسلمون كتاب الله ووقفوا عند آياته فأحلوا حلاله وحرموا حرامه، لصاروا سعداء عاجلاً وآجلاً.

إخوتي في الله: يقول الله سبحانه وتعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:٢٩] وأنكر المولى سبحانه وتعالى على الذين أعرضوا عن كتابه، فلا يتعظون ولا يتدبرون، اسمعوا إلى قوله تقدست أسماؤه: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:٢٤].