للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[منهج الشيخ العلمي والدعوي]

مما ينبغي أن يُذكر أيضاً: منهج الشيخ:

منهجه في العقيدة، لا يعرف الذبذبة واللف والدوران، صاحب منهج توحيد، وعقيدة سلفية صحيحة، دليله (قال الله، قال رسوله) أثر، ونص من القرآن أو من السنة، ومنهج السلف الصالح، فلم يتميع في هذه الأمور ولم يتذبذب في المسائل، وإنما كان على رأيه، وكان يعتني بالتوحيد غاية العناية تعليماً ونشراً ودعوةً إلى الله تبارك وتعالى حتى نفع الله به نفعاً عظيماً.

وأيضاً من منهج الشيخ: منهجه الدعوي، وله رسالة في هذا، اسمها: الطريقة المثلى في الدعوة إلى الله، تكلَّم عن الدعوة بوجهها المشرق، وبين مكانة الداعية، وأسلوب الداعية الصحيح، مؤصِّلاً وناظراً إلى دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام، عنايةً بالتوحيد والأسلوبِ الحسن، وما قصته التي ذكرنا إلا دليلٌ على حسن أسلوبه رحمه الله، فكان لا يواجه؛ لاقتناعه رحمه الله أن المواجهة أحياناً قد تضر ولا تنفع، لكنه يصل سراً إلى ما يريد من الوصول إلى الخير، والوصول إلى الهدف، دون أن يرى الناس، وبدون جلبة ولا ضوضاء، وكان لا يحب الجماهير ولا يحب الظهور، ولا يحب كثرة الناس، كما يتطلع إلى ذلك غيره من الناس، وهذا مما يؤكد تواضعه رحمه الله وإخلاصه وبعده عن الرياء والظهور والشهرة.

وأيضاً: كان الشيخ رحمه الله له موقف في الإصلاح والدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يتمشى مع مقاصد الشريعة، وقواعد الدين، ومقاصد الإسلام، لم يكن الشيخ عَجِلاً، ولم يكن الشيخ مندفعاً بل كان عاقلاً حصيفاً بعيد النظر في الأمور، حتى إنه لتأتيه الجماعة الذين هم من نبتٍ كنبت البصل الذين أرجلهم إلى أعلى ورءوسهم إلى أسفل، فيحثهم على التلطف والرفق بالناس وحسن التوجيه؛ لأن الداعية يريد الخير للأمة، لا يريد أن يُحدِث من دعوته ما هو أشد ضرراً وأكثر فتنة، فقد يكون أحياناً إنكار المنكر، إذا كان بأسلوبٍ ليس بسليم قد يأتي بضررٍ وعواقب وخيمة، فكان الشيخ رحمه الله مع أنه لا يخاف في الله لومة لائم، وكان يقول الحق ويغار على حرمات الأمة وعلى عقيدتها وقيمها لكنه لا يندفع، يغار الغيرة المتعقلة والمنضبطة، وكان مع ذلك ينصح الخاص والعام، يكاتِب الولاة والمسئولين ويبين لهم ويعظهم، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولا يُقِر منكراً ولا باطلاً؛ لكنه كان يسلك الأسلوب الحسن، مَن يراه في عالمنا اليوم، وفي تصنيفات الناس اليوم يراه مداهناً، ويراه أنه لا يتكلم بحق، ويراه مجاملاً، ويراه قد رضي بالدرهم والدينار، لكنه في الحقيقة كان مجاهداً قوياً في الحق، لا يخاف في الله لومة لائم؛ لكنه في بُعدٍ عن الأضواء والشهرة والجمهرة، وحتى أمام مجامع الناس لا يتكلم، إذا أراد أن ينصح المسئول نصحه بينه وبينه، وإذا رأى في مسئولٍ أو في أحدٍ مِمَّن لهم الأمر كاتبه وناصحه وبيَّن له، أو عن طريق سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز، أو ما إلى ذلك من الأساليب الناجحة التي تفيد في إزالة الضرر، وتحصيل الخير، ولا تحدث شكاً ولا رِيبةً ولا إثارةً ولا فتنةً ولا بلبلة.

والشيخ رحمه الله يرى من ذلك مقصداً من مقاصد الشريعة وهو جمع كلمة المسلمين، وعدم الإثارة والفتن، وعدم الخلافات، وعدم إيغار الصدور، فكان رحمه الله يحرص على المنهج السليم في دعوته وإصلاحه وحِسبته وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.

وكان الشيخ رحمه الله مجاهداً صابراً عالماً معلِّماً، تخرج على يديه التلاميذ الكبار ممن عددتُ لكم.