للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المشاكل الاجتماعية وأهمية علاجها]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه على دينه، ومن استن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها الإخوة في الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأحمد الله تبارك وتعالى الذي هيء لي هذا اللقاء الطيب المبارك بكم، وإن سعادتي لغامرة بهذه الوجوه الناضرة، التي أتت إلى بيت من بيوت الله لأداء فريضة من فرائض الله، والاستماع إلى حلقة من حلق الذكر والعلم، نتواصى فيها بما يجب علينا في هذه الحياة.

نجتمع في هذه الليلة يُذَّكر بعضنا بعضاً انطلاقاً من قول الحق تبارك وتعالى: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات:٥٥] نحقق في هذه الليلة -بإذن الله وتوفيقه وعونه- التعاون على البر والتقوى، انطلاقاً من قوله سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة:٢] وهكذا شأن المسلمين، يحرص بعضهم على أداء حقوق إخوانه المسلمين، ولا سيما طلاب العلم الذين أُخِذَ على عاتقهم البلاغ والبيان وأداء هذه الأمانة أن يبينوا للناس ما نزل إليهم من ربهم، ولا يكتمون الحق الذي يعرفونه من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، هم في المجتمع أطباء لعلاج كل مشكلة، وعلاج لكل معضلة، وإذا كان الناس حريصين على طب الأبدان فإن المشكلات التي تتعلق بتقصير المسلمين بأداء ما أوجب الله عليهم لهي أهم من قضايا الأبدان، فإن واجبات الأديان أهم بكثير من واجبات الأبدان.

يا خادم الجسم كم تشقى لخدمته أتعبت نفسك فيما فيه خسران

أقبل على الروح فاستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان

أيها الإخوة في الله: ما أحوجنا إلى مثل هذه اللقاءات المباركة التي نتحسس فيها مشكلاتنا التي هي بحاجة إلى علاج، وتركها بلا علاج يجعل الداء يستفحل، ومن ثم يستعصي على العلاج والعياذ بالله!

والحداد الماهر -كما يقولون- هو من يطرق الحديد الساخن، والمشكلات قد وصلت ذروتها، ولا سيما القضايا الاجتماعية التي تعاني منها المجتمعات الإسلامية لأسباب سأورد أهمها بإذن الله.

وإذا كانت هذه المشكلات تشغل حيزاً كبيراً من أوقاتهم، وتشغل نصيباً كبيراً من القضايا والمعضلات التي تمر على من يبحث لها عن علاج تمثل نسباً عظيمة وإحصاءات كثيرة؛ فلا يجوز أبداً لأهل العلم والدعوة والإصلاح في المجتمعات أن يغفلوها، لأن كثيراً من القضايا التي نعايشها قضايا اجتماعية بالدرجة الأولى.

كم يزعجني رنين الهاتف فأتناول السماعة فإذا بها مشكلة اجتماعية، وإذا بها قضية أسرية: امرأة تشتكي من زوجها، زوج يشتكي من زوجته، امرأة تنوح على حظها ونصيبها مع زوجها البائس المسكين الذي لا يعرف الله والعياذ بالله! الذي ضل عن الصراط المستقيم فأهمل البيت والأسرة وذهب يبحث عما تسول له نفسه الأمارة بالسوء مع قرناء السوء لا كثرهم الله.

كم هي قضايا الطلاق في المجتمع التي بلغت إحصاءات تنذر بالخطر في مستقبل الأجيال!

كم هي قضايا الزواج التي أثقلت كواهل الشباب من الجنسين، وأصبحوا يكتوون بلظى الشهوة التي تصطلي في أجسامهم وهم يريدون الطريق الحلال لقضائها، وإذا بهم يواجهون بمشكلات اجتماعية وعقبات وضعها الناس من قبل أنفسهم، متى ما استحكمت واستمرت في المجتمع فلا نستغرب أن يذهب أجيالنا وفلذات أكبادنا من هنا وهناك لقضاء هذه الشهوة في الطريق المحرم والعياذ بالله!

إذاً: لا يجوز أبداً أن يسكت عن هذه المشكلات وهي مستشرية في المجتمع استشراء النار في الهشيم إذا تركت بلا علاج؛ فقل: على السعادة الاجتماعية السلام، وقل على الأسر: أنها محل للقلق والاضطراب والتعاسة والشقاء، وقل على أجيال المسلمين وفلذات أكبادهم -الذين يعدون لحمل راية الإسلام ورفع لواء الدعوة إلى الله عز وجل- عليهم السلام؛ لأنهم لن يجدوا الأسرة التي يأوون إليها لتصلح من حالهم ولتخفف من مشكلاتهم.

أحب أن أقدم في بداية هذا اللقاء بعض القضايا المهمة التي تكون توطئة للدخول في الموضوع: