للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قضية الدعوة إلى الله]

أيها الإخوة في الله! ومن القضايا المهمة التي ينبغي أن نعنى بها في هذا الدين قضية الدعوة إلى الله؛ لأن قضية الدعوة إلى الله هي مهمة الأنبياء والمرسلين والدعاة والمصلحين إلى قيام الساعة قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت:٣٣] وقال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:١٠٨] وقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل:١٢٥] وقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:١١٠].

فينبغي علينا -أيها الإخوة- أن نحرص على أن تكون سفينة المجتمع سائرة في الطريق الصحيح حتى تصل إلى شاطئ الأمان وبر السلام، دون أن تعصف بها أمواج المحن والذنوب، ودون أن تطوح بها قاذفات الفتن وزوابع الشر وأعاصيف الباطل في وقت نشهد فيه أشرس هجمة ضد أخلاق المسلمين، وضد قيمهم ومبادئهم ودينهم في قنوات كثيرة وعبر وسائل متعددة.

فعلينا أن نتصدى لهذه الحرب الضروس بالعقيدة، بالإيمان، بالوعي، بالعقيدة الصحيحة، بقوة الإيمان بالله تبارك وتعالى، باللجوء إلى الله عز وجل، بجمع الكلمة، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بطرقه الشرعية، بالدعوة إلى الله بأسلوبها الحسن الذي يسعى إلى درء الباطل، وإلى نصرة الحق، وإلى السير في ذلك بأسلوب صحيح، بالرفق، بالصبر، بالحكمة؛ فـ {الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه}، والعنف ما كان في شيء إلا شانه، وما نزع من شيء إلا زانه، {من يحرم الرفق يحرم الخير كله}.

فعلينا أن نسير في أمورنا في الإصلاح، والدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما سار المصطفى عليه الصلاة والسلام، وكما سار رسل الله، هذا نوح عليه السلام يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، لم يستعجل الثمرة، ولم يحرص على أن يقطف الثمرة مبكراً؛ وإنما حرص على أن يقوم بالدعوة وبالإصلاح، أبى الناس، أم أنابوا، حرصوا وأطاعوا، أم أبعدوا، وضلوا عن الطريق، والنتيجة ما آمن معه إلا قليل، وهكذا الداعي إلى الله عز وجل، عليه أن يحرص على الدعوة إلى الله بالحكمة وبالحسنى وبالأسلوب الحسن، بأن يكون قدوة صالحة أمام إخوانه المسلمين.

وينبغي على الدعاة إلى الله، وعلى العلماء، وعلى المدرسين، وعلى الوجهاء، وعلى القضاة، وعلى أهل الحل والعقد في كل مجتمع؛ أن يكونوا قدوة صالحة لمن هم دونهم، وأن يقوموا بواجبهم فكلهم مسئول وكلهم مسئول عن رعيته.

ومن القضايا -أيها الإخوة- قضايا التربية، تربية النفوس، تزكيتها، تصفيتها من أدران الذنوب والمعاصي، تربية الأبناء والأسر والزوجات والبنات على ما شرع الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:٦] قال أهل العلم: أي أدبوهم وعلموهم.

فيا أيها الأب المسلم! ويا أيتها الأم المسلمة! ويا أيها الزوج المبارك! ويا أيتها الزوجة الصالحة! إن عليكم مسئولية عظيمة تتعلق بالتربية.

ويا أيها المدرسون! ويا رجال التعليم! ويا أيها الحريصون على الفكر والوعي وثقافة الأمة! أنتم مسئولون مسئولية كبيرة في الدعوة إلى الله وتربية الناس على الخير وعلى الفضيلة، وتحذيرهم من الشر والرذيلة.

كثيرٌ من الناس اليوم بلي بأمور تخالف الإسلام، وتخدش الأخلاق، وقل الحياء عند كثير من الناس وعند كثير من النساء على سبيل الخصوص، وعند بعض الشباب، فعليهم أن يتقوا الله عز وجل، وعليهم أن يعلموا أن هذه الحياة ما هي إلا ساعات معدودة، وما هي إلا أوقات محدودة؛ فعليهم أن يزكوا أنفسهم ويحاسبوها ويربوها على شرع الله تبارك وتعالى.