للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بعض صفات المسلم الصادق]

الحمد لله فاطر الفِطَرَ، وخالق البشر، ومُبدع الأشباح والصور، أحمده تعالى حمداً كثيراً كما أمر، حمداً يتجدد في الآصال والبكر، وأشكره سبحانه وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، سبحانه هو العالم بكل ما خفي وما ظهر.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا ملجأ من دونه ولا وزر، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله الشافع المشفع في المحشر، صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، والمتوج بالمقام الأسمى الأكبر، والمجد الأعلى الأطهر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه السادة الغرر، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما كبَّر الله مكبرٌ وذكر، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فلنتق الله -عباد الله- في كل ما نأتي وما نذر، ولنستجب له -سبحانه- في كل ما نهى وأمر.

أمة الإسلام! يظل المسلم الحق ثابتاً على مبادئه، وفياً لدينه وعقيدته، معتزاً بأصالته وشخصيته، مستمسكاً بإسلامه، مقيماً لشعائره فخوراً بشرائعه، داعياً إلى سبيله، لا يحده عن القيام برسالته زمان دون زمان، ولا يحول بينه وبين تحقيق عبوديته لربه مكان دون آخر، فمُحيَّاه كله لله، وأعماله كلها لمولاه: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:١٦٢ - ١٦٣] فحيث ما كان وحل، وأين ما وجد وارتحل، فإنه يضع التقوى شعاره، وطاعة الله دثاره، في سره وعلانيته، وعسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، وحضره وسفره، وفراغه وشغله، في الشدة والرخاء، وفي حال البأساء والضراء، والأفراح والأتراح، هذا هو منهج المسلم الصادق في إسلامه، والجاد في انتمائه.

إخوة الإسلام! من أسوأ ما أصيبت به هذه الأمة في هذا العصر انتشار الانتماء السلبي، وغلبة الفكر الهامشي، الذي طغى في كثيرٍ من الجوانب مما أفرز أجيالاً تسيء فهم الإسلام على حقيقته، وتجعل لِلَوْثات الفكر المنحرف رواجاً في تقويم شخصيتها بانهزامية ظاهرة، وتبعيةٍ لبهرج التغريب والتفرنج المنتشرة في بعض صفوف المسلمين مع شديد الأسف، فأين الاعتزاز بالإسلام يا أبناء الإسلام؟ {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} [المنافقون:٨].

إخوة الإيمان! حينما تستمسك الأمة بالعروة الوثقى تصلح أمورها في الدنيا وتسعد في الأخرى، وتتلاشى عن مجتمعاتها الظواهر المخالفة لدينها، وإن هي فرَّطت في إسلامها، وأرَّخت الزِمام لأبنائها، يخبطون خبط عشواء في كل فكرٍ دخيل، ومنهج هزيل، وانفتاح على العالم دون ضوابط، تفشت بينها الظواهر المخالفة لدينها التي تترك آثاراً سلبيةً على أفرادها ومجتمعها، وتحتاج إلى التصدي والعلاج من قبل الغيورين عليها، والمهتمين بشئونها وأوضاعها.