[عضل النساء عن زواج الأكفاء]
إخوة الإيمان! ومن الأسباب الخطيرة في انتشار هذه الظاهرة واستفحالها عضل النساء من زواج الأكفاء، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفسادٌ عريض} خرَّجه الترمذي، وابن ماجة، والحاكم بسند صحيح.
فهناك بعض الأولياء هداهم الله قد خان الأمانة التي حملوها في بناتهم وفتياتهم بمنعهن من الزواج من الأتقياء ديناً وخلقاً وأمانة، وقد يتقدم إليهن الخاطب الكفء فيماطلونه ويعتذرون له بأعذار واهية، وينظرون فيه إلى أمور شكلية وجوانب كمالية، ويسألون عن ماله ووظيفته ووجاهته ومكانته، ويغفلون أمر دينه وخلقه وأمانته، بل لقد وصل ببعض الأولياء الجشع والطمع أن يعرض ابنته سلعة للمساومة وتجارة للمزايدة والعياذ بالله، وما درى هؤلاء المساكين أن هذا عضلٌ وظلمٌ وخيانة، وقد تكون مدرسة وموظفة فيطمع في مرتبها.
ألم يعلم هؤلاء بالاعترافات والقصص الواقعية بضحايا هذه الظاهرة؟
ألم يسمعوا الرسائل المؤلمة المفجعة التي سطرتها دموع هؤلاء؟
إنها صرخة نذير في آذان الآباء والأولياء، ورسالة عاجلة إليهم أن يتداركوا شرفهم وعفتهم وعرضهم قبل فوات الأوان.
أين الرحمة في هؤلاء الأولياء؟ كيف لا يُفكِّرون بالعواقب؟ أيسرهم أن تلطخ سمعتهم مما يندى له جبين الفضيلة والحياء؟
سبحان الله!! كيف يجرؤ مسلمٌ غيور يعلم فطرة المرأة وغريزتها على الحكم عليها بالسجن المؤبد إلى ما شاء الله؟
ولو عقل هؤلاء لبحثوا هم لبناتهم عن الأزواج الأكفاء، فهذا عمر رضي الله عنه يعرض ابنته حفصة على أبي بكر ليتزوجها، ثم على عثمان رضي الله عنهم أجمعين.
وهذا سعيد بن المسيب -رحمه الله- يزوج تلميذه أبا وادعة، وهذا ديدن السلف في عصورهم الزاهية.
إنَّ تضييق فرص الزواج علة خراب الديار، به تقض المضاجع، وتكون الديار بلاقع، وبه يُقتل العفاف، وتوأد الفضائل، وتسود الرذائل، وتهتك الحرمات، وتنتشر الخبائث والسوءات.
أيها الأولياء: اتقوا الله فيمن تحت أيدكم من البنات، بادروا بتزويجهن متى ما تقدم الأكفاء في دينهم وخلقهم، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، وعضل النساء ورد الأكفاء فيه جناية على النفس، وعلى الفتاة، وعلى الخاطب، وعلى المجتمع بأمته، والمعيار كفاءة الدين، وكرم العنصر، وطيب الأرومة، وزكاء المعدن، وسلامة المحضن، وحسن المنبت، وصدق التوجه: {فاظفر بذات الدين تربت يداك}.