قال الإمام مالك رحمه الله: [[من ابتدع في الإسلام بدعة ًورأها حسنة، فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله يقول:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة:٣]، فما لم يكن يومئذٍ ديناً، فلا يكون اليوم ديناً]] وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم -وهو بأمته الرءوفٌ الرحيم، ولها الناصح الأمين- كثير الأمر بلزوم السنة واتباعها، وشديد التحذير من المخالفة والبدعة، بل كان يؤكد ذلك دائماً في خطبه، كما أخرج ذلك الإمام مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه.
إن من الناس من كذبوا وابتعدوا عن آثار النبوة، وفتحت عليهم الدنيا، وآثروها على الأخرى؛ فانتشرت بينهم المحرمات، وكثرت البدع والضلالات، حتى اشتبه الأمر على كثيرٍ من المسلمين، فوجب التنبيه على تلك البدع في حينها؛ حتى يكون المسلم الحريص على اتباع السنة على بصيرةٍ في أمر دينه، وحتى تقوم الحجة وتتبين لكل من أراد السير على ما كان عليه محمد بن عبد الله، صلى الله وسلم عليه وعلى صحابته من بعده، والتابعين لهم في القرون الخيّرة.
أمة الإسلام وأتباع سيد الأنام صلى الله عليه وسلم! إن من البدع المحدثة في الإسلام، ما يعتقده بعض الناس في شهر رجب من أن له خاصية على غيره من الشهور، فيفعلون فيه أموراً محدثة، ويعتقدون فيه اعتقاداتٍ جاهلية، ويخصونه بأنواعٍ من العبادات، كالعمرة والصوم والأذكار والصلوات، ويسمونها باسم هذه الشهر، كالصلاة الرجبية، والعمرة الرجبية، والأذكار الرجبية ونحوها، وتخصيص شهر رجب، أو بعض أيامه ولياليه بصيامٍ أو قيامٍ أو نحوهما، أمرٌ محدث ليس له أصلٌ في شريعة الإسلام فيما نعلم.