للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بعض الحلول للمشاكل الاجتماعية]

وهنا قضية أخرى وهي: أن قضايانا يجب أن نسير فيها على ضوء شريعة الله، ونحن لسنا إلا أهل دعوة وإصلاح، ولا مقصد لنا إلا هذا، فمقصدنا يعلم الله ومقصد الدعاة إلى الله انتشال الناس الغرقى في بحور الفتن والشهوات إلى طريق الخير، وأيُّ قصد غير ذلك فليطرح.

ثم إننا في قيامنا بهذه الأعمال يجب أن نكون متحلين بالآداب الحسنة والأخلاق الطيبة، وعرض هذه القضايا عرضاً نظامياً ورسمياً، ولا أقول ذلك إلا من باب تشجيع التركيز والتنسيق في العمل حتى لا يكون هناك ازدواجية، ويكون هذا العمل تحت رئاسة ومسئولية مركز الدعوة عن طريق أئمة المساجد والدعاة في هذه البقعة المباركة.

هذه أربع قضايا أعيدها ليتم العمل بها:

الخطوات العملية التي ينبغي أن نخطوها تجاه تربية أنفسنا، وأن أي سلبية في حياتنا ينبغي أن نزيلها، ولهذا ينبغي أن تكون أول الخطوات العملية التي نريدها أن أي عقبة من مشكلة اجتماعية: في نفسه أو بيته أو أسرته أو حتى بين زملائه وأقرانه ينبغي أن تعرض وتسجل على هيئة أو لجنة من الدعاة لأننا نريد في الحقيقة ألا نتخذ من طريقة الدعوة: طريقة المحاضرات فقط، وإنما نريد السعي العملي الإصلاحي في إطار ما هو مسموح به نظاماً، وقبل ذلك ما هو مأمور به شرعاً، ولا أظن أحداً يقف في طريق ذلك بحمد الله؛ لأن النوايا -ولله الحمد والمنة- سليمة والخطوات بإذن الله متزنة، ويقوم عليها من أهل العلم والفضل والإصلاح من يكون خير من يقوم بها.

ثم لا غضاضة أن يكون هناك أهل خير يتوسطون في كل من كان عنده رغبة أو مساعدة مادية في الزواج بتأييد مشروع الزواج أو عن طريق مركز الدعوة أو غيره لكل راغب في الزواج أو لكل مريد لعلاج هذه المشكلات الاجتماعية، من المساعدات المادية والمعنوية، ونهيب بأهل الثراء والخير والوجاهة أن يدخلوا في خطوات عملية، ولا يكون هناك فقط تركيز على جانب من الجوانب المعينة.

أيضاً: أولياء الأمور، الآباء والأمهات لا بد أن يطالبن بالدخول في مثل هذه المشروعات الخيرية لأنهم طرف في الإصلاح وعلاج هذه المشكلات الاجتماعية.

أيها الإخوة: في الحقيقة الكلام يطول، وقضايا الزواج وعقباته، وقضايا الطلاق في المجتمع كثيرة، ولو سألتم المحاكم لعرفتم أن ثلث القضايا أو أكثر من ثلثها -والثلث كثير تعرض- كلها قضايا طلاق ومشكلات، يجلس القاضي فتعرض عليه عشر قضايا طلاق في اليوم، وخمسة قضايا طلاق في اليوم الثاني، ماذا يعني هذا؟

معنى ذلك هدم لخمس أسر في المجتمع، هذا ليس بأمر هين، ينبغي أن يسعى أهل الإصلاح، ومن لجان الإصلاح هذه من يذهب للإصلاح بين الزوجين {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء:٣٥] وهذا نحن بحاجة إليه دائماً وأبداً، بحاجة إلى مساعي إصلاح إذا أخطأ أحد الزوجين فإنه يأتي لمثل هؤلاء المشايخ ويعرض عليه قضيته علهم أن يكونوا طرفاً وعلاجاً فيها.

المهم أننا لا زلنا نعاني من عدم التنسيق في علاج هذه القضايا -العلاج فردي- وماذا عسى أن يجدي فلان من الناس أو زيد في علاج مئات وآلاف من المشكلات الاجتماعية التي تمر عليه، فلهذا نحن نحتاج إلى شيء من التنسيق والتركيز، منطلقنا ليس تكوين اجتماعات أو خلايا كما يتصور البعض، بل القضية كما قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:٢] وأنا أقول: إن السعي ولو خطوة واحدة في النواحي العملية لعلاج هذه القضايا أفضل من الكلام عشر سنين أو عشرين سنة كلاماً فقط ليس بعده خطوات عملية.

هناك شريحة من المشكلات توجد في المجتمع سببها مثلاً إطلاق اللسان، والغيبة والنميمة والحسد والبغضاء، وما يوجد في الصدور بين المسلمين ولا سيما بين بعض طلبة العلم أو بعض الدعاة وليس هذا بغريب، لكن الغرابة كل الغرابة أن تستمر هذه القضايا بلا علاج، وأن يستمر بعض الناس على هذه الأمور، هذه قضايا اجتماعية نحن بحاجة إلى التركيز عليها.

قضايا الصحوة ومشكلات التوجه إلى الله، ولا أقصد أن الخطأ من حيث التوجه وإنما من حيث التوجيه، فينبغي أيضاً أن تعالج حتى لا يستفحل الخطأ، وشعارنا في ذلك قول تعالى: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:٨٨].

وفق الله الجميع لما فيه الخير والسداد، وجعلنا وإياكم عالمين عاملين بما سمعنا، هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين بمنه وكرمه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.