أمة الإسلام! ما أُتي المسلمون -اليوم- من قلة العدد ولا من ندرة العُدد، إنما أتوا من قِبَلَ سوء فهمهم لدينهم، وإيثارهم التحلي به، والتسمي باسمه، دون بصيرة فيه، وعملٍ بشعائره وجوهره، وتطبيق لكل شيء فيه، فأين الإسلام ممن كذَّب بكتاب الله، واستهزأ بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
وأين الإسلام ممن حاد الله سبحانه، فجعل له أنداداً وشركاء ووسائط وشفعاء؟
وأين الإسلام ممن استخف بعقيدته وشعائره، فلا بتوحيدٍ صحيح يعمل، ولا بصلاة وزكاة يقوم، ولا بعملٍ صالح يتقرب إلى الله؟
أين الإسلام من أدعيائه والمنتسبين إليه، وهم وبال عليه، وفجاً في طريقه؟!
أصبح الإسلام -ويا للأسف- مطية لكل ناعق، ووسيلة لكل مارق، ووالله ما هكذا تورد الإبل.
أيها المسلمون! إنه ما من مسلم يستشعر قلبه روح الإسلام يمكن أن يعمل عملاً -ولو قليلاً- يخالف شريعة ربه، فكيف جاز لمن يدَّعي الإسلام زوراً وبهتاناً أن يرتكب كل جريمة ويقترف كل عظيمة بالجسم الإسلامي؟!
الإسلام أعلى وأجل، وأشرف وأكرم أن يوصم بمثل هذه المشينة.
أمة الإسلام! لابد أن تستيقنوا أنه لا سعادة للبشر ولا عزة لهم ولا نصر إلا بالإسلام الحق، إسلام العقيدة والعبادة والعمل، لا خير إلا بترسم خطى المصطفى صلى الله عليه وسلم، والسير على ما سارت عليه القرون المفضلة.
وإني أدعو من هذا المكان المبارك إلى ضرورة الفحص الدقيق في أعمال وسلوك كل من ادَّعى الإسلام؛ لكي لا يُؤخذ المسلمون على غِرة، فالمؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين، فأعداء عقيدتكم -يا عباد الله- وإن تسموا باسم الإسلام، لن يهدأ لهم بال، ولن يقر لهم قرار، حتى يحققوا مآربهم، لا بلَّغهم الله ذلك.