حجاج بيت الله الحرام! عليكم بالتحلي بالأخلاق الإسلامية، والتزام الآداب الشرعية، والأنظمة المرعية في هذه البقاع المباركة؛ فليحذر -الحاج الكريم- من اللغو والرفث، والفسوق والجدال والمراء، وإيذاء إخوانه الحجاج؛ بيده أو بلسانه، بقوله أو بفعله، فلا يزاحم إخوانه المسلمين، ولا يؤذيهم حساً ولا معنى، لا في المطاف، ولا عند الأبواب، ولا عند الجمرات، ولا في الطرقات، بل يتحلَّى معهم بالخلق الحسن، واللطف واللين، والمحبة والتعاون والإيثار، وتلك من أهم منافع الحج، فصفاء القلوب، ووحدة الكلمة، واجتماع الصفوف، والتعاون على البر والتقوى، دروسٌ عظيمة، تستفاد من مدرسة الحج في الإسلام.
واعملوا -رحمكم الله- بكل ما من شأنه الخروج بالآثار البليغة، والدروس والعبر النافعة، والمنافع الجمة من هذه الفريضة العظيمة، فما أحوج أمة الإسلام اليوم، وقد عمَّها طوفان المحن، وجرفتها سيول الفتن، أن تستفيد من هذه المناسبات الشرعية، صلاحاً في أحوالها، وتحسناً في أوضاعها؛ ليكون هذا الموسم وأمثاله فرصةً للإصلاح، ومناسبةً للمحاسبة والتقويم.
إنه لن تحرر المقدسات، ولن تحل المشكلات، وتتلاشى الفرقة والخلافات، إلا إذا عمل أفراد هذه الأمة -كلٌ في موقعه- على حمل رسالة الإسلام الحق في نفسه، وفي محيطه، هناك يُدرِك أعداء هذه الأمة، أن لجنود الإسلام قوةً بعد ضعف، ويقظةً بعد غفلة، وصحوةً بعد كبوة، واجتماعاً بعد فرقةٍ وشتات:{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ}[الروم:٤ - ٥].