معشر المسلمين! إن الأسرة الصالحة نعمة من نعم الله على عباده، يجد فيها المسلم راحة باله، وهدوء نفسه وقلبه، وأنس فكره وضميره، وطمأنينة خاطره وفؤاده.
يجد فيها السكن والراحة والمودة والرحمة في خضم مشاغل الحياة وأعبائها، ولتتأملوا -يا رعاكم الله- قوله سبحانه:{لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا}[الروم:٢١]، وقوله سبحانه:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً}[النحل:٨٠] وإن التذكير بمكانة الأسرة في الإسلام وأهمية العناية بها يعد من الأمور الضرورية، لما تمثله الأسرة من منزلة سامية في هذا الدين، ولما تتمتع به من ثقل ومسئوليات، ولما للعناية بها من أثرٍ في صلاح المجتمعات، وتثبيت دعائمها، وتقوية بنائها، ولما للتفريط فيها من عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع إذا أهملت وأصبحت عرضة للسهام المسمومة والأعاصير المدمرة.
كما تبدو أهمية التذكير بشأنها في كل الأوقات، لا سيما في أوقات الإجازات والتخفف من المشاغل والمسئوليات، لا سيما ونحن نعيش في عصر أصبحت فيه الأسرة المسلمة هدفاً لكيد أعداء الإسلام، وغاية لهجومهم الكاسح؛ لأنهم يدركون -عاملهم الله بما يستحقون- أنه إذا فسدت الأسر تحقق لهم ما يصبون إليه من القضاء على قلب الأمة النابض، ومحور تربية الأجيال، وبالتالي القضاء على الأمة بأسرها.
ولكن مهما تتالت الطعنات وتتابعت الهجمات من كل حدب وصوب على النظام الأسري الإسلامي؛ فسيبقى -بإذن الله- نظاماً بالغ الدقة والإحكام، جدير بالعناية والاهتمام، فلم يعرف العالم بأسره نظاماً للأسر أسعد ولا أكمل ولا أفضل ولا أعدل من نظام الإسلام.
وهل بقيت أمة الإسلام على مرِّ العصور، قوية الشوكة، مرهوبة الجانب، واستعصت على الاضمحلال رغم النوازل والمحن، وخلدت أمجاداً، وأنجبت أجيالاً يفخر بهم التاريخ إلا لما عنيت بهذا الجانب، فصلح أبناؤها واستقامت أجيالها؟!