إخوة العقيدة: إن أول واجبٍ عني به هذا الدين تحقيق الوحدانية لله رب العالمين، وحدانية الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، فكان أصل الدين وأساس الملَّة، وقاعدة الإسلام، العقيدة الصحيحة لها القدح المعلَّى، والنصيب الأكبر من اهتمام الكتاب والسنة، قولاً وعملاً ودعوة.
يا أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم: لقد قام هذا الدين على أصل إفراد الله بالعبادة فلا أنداد ولا شركاء: {فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً}[الجن:١٨]، {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً}[النساء:٣٦].
فواجب العباد أن يحققوا شهادة التوحيد علماً بمعناها وعملاً بمقتضاها، فلا معبود بحقٍ إلا الله سبحانه {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}[الحج:٦٢] فلا يجوز صرف شيءٍ من ألوان العبادة، صلاةً ودعاءً، ذبحاً ونذراً، استغاثةً واستعانةً وحلفاً، لغير الله كائنٌ ما كان، ويقول الله تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[الأنعام:١٦٢ - ١٦٣].
فمالك الضر والنفع هو الله سبحانه، لا إله غيره ولا رب سواه، وبذلك يعلم أن ما يفعله عباد القبور والأضرحة من صرف العبادة لها، وسؤال أصحابها شفاء المرضى، وقضاء الحوائج، وتفريج الكروب ودفع الخطوب، والعون والمدد، أنه منافٍ لعقيدة التوحيد، وصاحبه على خطرٍ عظيم، قال سبحانه وتعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء:٤٨].
تلكم هي العقيدة الصحيحة، في جانب توحيد العبادة، أما توحيد ربنا بأسمائه وصفاته، فالمسلم يؤمن بما سمى الله به نفسه، من الأسماء الحسنى الواردة في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ويصفه بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تمثيل ولا تكييفٍ ولا تعطيل ولا تحريف قال سبحانه وتعالى عن نفسه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى:١١].
فلا يجوز تمثيل الله بخلقه، كما لا يجوز نفي صفات الكمال عنه، بل نثبت لله الأسماء والصفات إثباتاً بلا تمثيل، وننفي عنه ما لا يليق به تنزيهاً بلا تعطيل، فالمسلم يقف عند ما حده الشرع، لا يزيد عليه ولا ينقص منه، ودين الله وسطٌ بين الغالي فيه والجافي عنه، والمسلم الحق يجرد المتابعة لرسول الهدى صلى الله عليه وسلم، فلا يحدث في دين الله شيئاً لم يكن عليه سلف هذه الأمة، وأهل القرون الخيرة، يقول صلى الله عليه وسلم:{من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} أخرجه مسلم في صحيحه.
بهذه العقيدة الصافية عزت الأمة وسادت، وفتحت البلاد وقادت العباد، ووالله ثم والله ثم والله لن تقوم للمسلمين قائمة إلا بتحقيق هذا الأصل العظيم، والجانب المهم في دينها القويم.