[دعوة للعاملين للإسلام]
الحمد لله الذي جعلنا من خير أمة أخرجت للناس، ومنَّ علينا بلباس الإيمان خير لباس، أحمده تعالى وأشكره على ما هدانا للإسلام، وجعلنا من أمة سيد الأنام، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الفضل والإنعام، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله بدر التمام ومسك الختام، وخير من عمل بالدين وقام، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله البررة الكرام، وصحابته الأئمة الأعلام، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعةٍ ضلالة.
أيها الأحبة في الله! إن دين الإسلام الذي هدانا الله إليه، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، هو المنة الكبرى، والنعمة العظمى التي نسأل الله أن يوزعنا شكرها قولاً وعملاً، باطناً وظاهراً، هو دين الخير والعدل والسلام والرحمة والمحبة والوئام، والبشرية اليوم تتطلع إلى أن تتفيأ ظلال هذا الدين القويم، مما يتطلب الجد في مجال العمل للإسلام، والنهوض بمستوى الدعوة الإسلامية، وتنسيق الجهود بين العاملين، ونبذ الفرقة والخلاف التي لا يستفيد منها إلا العدو المتربص، وإن هناك فرصاً عظيمةً يأسف كل غيور على أوضاع أمته أن يفرط المسلمون في استغلالها، فالأرض خصبة، والفرص مواتية، وإن القضية ترجع إلى حاجة الأمة اليوم إلى العمل بخطط سليمة، ومنهجية مدروسة قويمة تخرج دعاة على مستوى العصر الذي يعيشونه لنثبت للعالم صدق توجهاتنا، وسلامة مقاصدنا، وسمو أهدافنا بعد أن شوه الإسلام من أطراف علمانية منحرفة في ثقافتها وأخلاقها، وأخرى جاهلة مغالية لا تؤمن إلا بسفك الدماء وتناثر الأشلاء، ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [البقرة:١٤٣]، وإن من التحدث بنعم الله ذلك الجهد الذي ينبغي أن يذكر، فيشكر، وعند النصفة لا يغفل، ولا ينكر التي يبذلها جنودٌ مجهولون من أهل الخير والدعوة والإصلاح ممن آثروا ما عند الله، ولا ينسى الدور الفاعل الذي ينبغي أن يروى فلا يطوى، ويظهر فلا يغمر، ويبان فلا يطمر لبلاد الحرمين الشريفين -حرسها الله- في المجالات الخيرية، والإغاثية، والصروح العلمية، والدعوية، والحضارية، والمناشط الإسلامية في كثير من بلاد العالم، ولا غرو، فهذا من صميم ثوابتها، وأهم أهدافها ومنطلقاتها، جعل الله عملها خالصاً لوجهه الكريم، وضاعف مثوبتها، وزادها من الخير والتوفيق بمنه وكرمه، والحق أنه لا يدرك مكانتها وفضلها ومميزاتها وخصائصها إلا من اغترب عنها.
لا يرجع الطرف عنها حين ينظرها حتى يعود إليها الطرف مشتاقا
ألا واعلموا رحمكم الله أن من أفضل أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم كثرة صلاتكم وسلامكم على الهادي البشير والسراج المنير كما أمركم بذلك اللطيف الخبير، فقال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦].
اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد بن عبد الله، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.
اللهم أيد للحق إمامنا وولي أمرنا، اللهم وفقه لما تحب وترضى، اللهم خذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفق جميع ولاة المسلمين للحكم بشريعتك واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، اللهم أصلح ذات بينهم وألف بين قلوبهم واهدهم سبل السلام، وجنبهم الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربى والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلادنا هذه خاصة، وعن سائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.