للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الكتاب والسنة مصدر التلقي]

الحمد لله فالق الإصباح، وفارق أهل الغي من أهل الصلاح، المنزه في عظيم عليائه عن مشابهة الأرواح، ومشاكلة الأشباح، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة زاكية الأرباح، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، أرسله والحرمات تستباح، وحزب الكفر قد عم الفجاج والبطاح، فلم يزل صلى الله عليه وسلم يرشد إلى الحق بالحجاج الوضاح، وسمهرية الرماح، حتى ظهر دين الله وسرى في الآفاق سريان الرياح، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه ومحبيه، ما أزال الظلم الحادث ضوءُ الصباح، صلاة نحوز بها أعلى مراتب الفلاح، وأسمى درجات النجاح، ونتبوأ بها قمم الخير والصلاح، ونتخلص بها من دركات الإثم والجناح، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فيا عباد الله: اتقوا الله ربكم وأطيعوه، وراقبوه ولا تعصوه، اتقوه جلَّ وعلا حقَّ التقوى، فليس لكم بغير التقوى أمل يبقى، ولا حبل يقوى، والعاقبة للتقوى.

أيها المسلمون: من أعظم مقاصد شريعتنا الغراء حفظها لدين المكلفين، وذلك من جهتين؛ كما يقول أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله: جهة وجودية تكفل إيجاده وتكوينه، وجهة عدمية تكفل حفظه وبقاءه وصيانته.

ومن المسلم لدى أهل الإيمان الحق أن مصدر تلقي المسلم لدينه، عقيدةً وعبادةً، ومعاملةً وسلوكاً، تحليلاً وتحريماً، تحاكماً وتحكيماً، إنما هو الكتاب والسنة، فكما أن لله وحده الخلق والتدبير، فله جل وعلا الأمر كله: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:٥٤].

وقد حذَّر سبحانه من التلقي عن غير هذا المصدر الثر فقال تعالى وتقدس: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:٢١].