إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونثني عليه الخير كله، اللهم لك الحمد كما هديتنا للإسلام، ومننت علينا ببعثة خير الأنام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، نصب على ربوبيته أعظم الدلائل، وأقام على ألوهيته الآيات الجلائل، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله سيد الأواخر والأوائل، المبعوث بأكرم السجايا وأشرف الشمائل، صلى الله عليه وعلى آله أولي المكرمات والفضائل، وصحبه الذين أحبوه محبة تفوق محبة النفس والمال والولد والحلائل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وفي نصرة الحق يُجاهد ويناضل، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها المسلمون! حينما يتعاظم ركام الفتن في الأمة، وتخيم على سمائها الصافية غيوم الغمة، فيلتبس الحق بالباطل، وتخفى معالم الحق على كثيرٍ من أبناء الملة، ويختلط الهوى بالهدى، فإن تقوى الله سبحانه هي التي تنير طريق الهداية، ويُبدد نورها ظلمات الجهل والغواية، من وهبه الله التقوى فقد وهبه نوراً يمشي به على درب النجاة، في سلامة من المؤثرات العقدية والمنهجية، وفي بُعدٍ عن اللوثات الفكرية والسلوكية.
ألا ما أحوج الأمة اليوم إلى أن تُعمر قلوب أبنائها بالتقوى واليقين، ليتحقق لها -بإذن الله- النصر والتمكين.
معاشر المسلمين! قضيتنا الكبرى، التي يجب ألا تُنسى في جديد التحديات، وفي زخم الحوادث والمؤامرات؛ حيث إنها الركيزة العُظمى التي تُبنى عليها الأمجاد والحضارات، بل وتتحقق بها التطلعات والانتصارات، وتخرج بها الأمة من دوامة الصراعات؛ هي أننا أمة عقيدة إيمانية صافية، ورسالة عالمية سامية، أمة توحيد خالص لله، واتباع مطلق للحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه القضية الكبرى، هي حديث المناسبة وكل مناسبة، والتذكير فيها موضوع الساعة وكل ساعة إلى قيام الساعة، وإن خيرَ ما عُني به المسلمون، وتحدَّث عنه المصلحون: العقيدة الإيمانية، والسنة المحمدية، والسيرة النبوية.