للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أهمية الزكاة]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فرض الزكاة على عباده تزكية للنفوس، وتطهيراً للقلوب، وتنميةً للأموال، وسداً لعوز المحتاجين، وتحقيقاً لروح المودة والإخاء، والرأفة والرحمة والصفاء، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، ومجتباه وحبيبه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها المسلمون: اتقوا الله جل وعلا، واعملوا أن دينكم الإسلامي الذي منَّ الله به عليكم ورضيه لكم، وأكرمكم بالانتساب إليه، قد بني على أسس متماسكة، وقواعد مترابطة، إذا اختل منها شيءٌ تصدع ما سواه.

روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان}.

وإن من بين هذه الأركان العظيمة، ركناً عظيماً تساهل الناس فيه، وعمت الغفلة عنه؛ لضعف الإيمان في النفوس، وإيثار العاجلة بزينتها وأموالها ومتاعها؛ على الآجلة الباقية، ألا وهو الزكاة.

فالزكاة يا إخوة الإسلام! ثالث أركان هذا الدين العظيم، من جحد وجوبها كفر، ومن منع أداءها قُوتل، قال الله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة:١١].

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله}

وقد ذكر الله في كتابه الزكاة مقرونةٌ بالصلاة تعظيماً لشأنها، وتنويهاً بذكرها، وترغيباً في أدائها، وترهيباً من تركها والتساهل فيها.

قال الله عز وجل: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة:٤٣]

قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: [[والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة]]

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: [[ثلاث آيات مقرونةٍ بثلاث، لا تقبل منها واحدة بغير قرينتها، وذكر منها قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة:٤٣] وقال: فمن صلى ولم يزكِ لم يقبل منه]].