ٍالواقع والحقيقة -يا عباد الله- أنه سبق فينا قوله تعالى:{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً}[الفرقان:٣٠].
وهجر القرآن كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله: يشمل هجر سماعه والإيمان به، وهجر الوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به، وهجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه، وهجر تفهمه ومعرفة ما أراد الله منه، وهجر الاستشفاء به من جميع أمراض القلوب، وكل أنواع الهجر هذه متحققة ويا للأسف في واقع الناس اليوم!
إن الذين يقرءون كتاب الله ويصرون على مخالفته، بل قد يزيدون في دين الله ما ليس منه من البدع والمحدثات، ليسوا بمؤمنين به على الحقيقة، وإن زعموا ذلك ألف مرة، وإن قرءوه في أعمالهم كلها.
أين الذين يتعاملون بالمحرمات كالزنا، والربا، وقتل النفس بغير حق، والسرقة، والغش، والظلم، والكذب، والغيبة والنميمة، وساقط القول والعمل، وغيرها من المحرمات، أين هم من الإيمان بالقرآن؟ أين الذين يتركون الواجبات، ويتساهلون في المأمورات، كالصلوات، والزكاة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى المساكين؟
أين هم من الإيمان بالقرآن؟ رب قارئٍ للقرآن والقرآن يلعنه! إن هؤلاء الذين يسمعون القرآن ويقرءونه، ويعرضون عن تطبيقه، لهم نصيبٌ من قوله تعال:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}[طه:١٢٤] وبؤساً لهم حيث تشبهوا بمن قال الله فيهم: {وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا}[النساء:٤٦].
عباد الله: إلى القرآن إلى القرآن: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}[الحديد:١٦]، {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}[الأنفال:٢٢ - ٢٣].
اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، يا رب العالمين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.